14-مارس-2019

أمسك شابٌ مصابٌ بالصمم كاميرا محاولاً التقاط الصور، لم يعرف كيف يستخدمها فطلب من المصور مصعب أبو حطب أن يعلمه، لكن مصعب لم يستطع إفادته لعدم معرفته لغة الإشارة، فقرر تنفيذ تدريبات على التصوير للشبان والشابات المصابين بالصمم في غزة، في رحلة بدأت قبل أكثر من عام ونصف ولاتزال مستمرة.

قرر مصعب (26 عامًا) من خانيونس أن تكون التدريبات مساحة لـ"دمج" المتدربين والمتدربات في المجتمع، فجعل التدريب مفتوحًا ولا يقتصر على فئة الصم. يقول: "أردت أن يعطيهم هذا ثقة بأنفسهم أكثر، وأن يزيد من علاقاتهم الاجتماعية لكسر الرهبة من التعامل مع المجتمع".

شبانٌ وشاباتٌ مصابون بالصمم وجدوا في التدريب على الكاميرا مع مصعب نافذة للاندماج مع المجتمع

استعان مصعب بمترجم لغة الإشارة جمعة الفرا، ومع الوقت استطاع أن يفهم بعض الإشارات التي سهلت عليه التواصل معهم، بل إنه أصبح يفهم قضاياهم ويتحسس همومهم ويتحدث بلسانهم عن "التهميش" الذي يتعرضون له في جوانب كثيرة أبرزها التوظيف، "على الرغم من أن هذه الفئة ذكية جدًا ولديها مهارات عديدة، ولكن نظرة المجتمع ظالمة لهم".

تصوير سند أبو لطيفة

يعمل مصعب بشكل فردي في هذه الدورات دون أي جهة داعمة، ويتوقع أن يتخرج من هذه الدورات "مصورون محترفون"، إذ رأى منهم "إبداعًا كبيرًا وتعاونًا". ويضيف، "لكل واحد منهم ميول مختلفة في التصوير والمواضيع التي يريدون تصويرها، وهذا الجميل فيهم. لهذا دائمًا أطلب بدمجهم في مجالات العمل لأنهم أشخاص منتجين".

اقرأ/ي أيضًا: قصار القامة في غزة: صناعة الضحك تخفي وجعا

هبة أبو جزر (24 عامًا) إحدى المتدربات تحت إشراف مصعب، تقول إنها وجدت في هذا التدريب ما كانت تبحث عنه منذ وقتٍ طويل، "فأنا أحب الكاميرا والتقاط الصور الجمالية من الأزهار واللقطات اللطيفة البعيدة عن العنف ونشرها على مواقع التواصل، وتفاعل الأصدقاء يشجعني على المواصلة ويدعمني كثيرًا، والمدرب يساعدني في تطوير نفسي أكثر".

كيف تُعرّفين التصوير يا هبة؟ أجابت، "هو العين التي ترى المشاهد الجميلة والأفكار الرائعة وتظهرها للناس"، مبينة أنها تحلم أن تصل صورها إلى العالم "ليشاهدوا ما تراه عيني بعيدًا عن مشاهد العنف في غزة".

تصوير سند أبو لطيفة

أوضحت هبة أن التصوير والمشاركة في هذه التدريبات ساعداها على تجاوز "مرحلة الخوف والرهبة من المجتمع" التي كانت تعيشها وبقيت خلالها في منزلها بعيدًا عن المجتمع.

وأضافت، "أحب تعليم أصدقائي لغة الإشارة كي أستطيع فهمهم. أكون حزينة جدًا عندما أتحدث مع شخصٍ لا يفهمني، لذا أتمنى أن يتعلم الجميع لغة الإشارة لأنه لا يوجد فرق بين شخص أصم وشخص يتكلم، جميعنا لدينا مواهب ويجمعنا الحب بالتأكيد".

ترافق مروة أبو خاطر (23 عامًا) صديقتها هبة في التدريب، تحاولان مساعدة بعضهما في التعلم على استخدام الكاميرا، وهي ترضي بهذه التدريبات شغفها في التصوير الذي بدأ معها منذ الطفولة، "كنتُ أحبُّ استعمال الهواتف النقالة وأتظاهر بالتصوير حتى لو لم يكن فيها كاميرا، وعندما كبرت اقتنيتُ هاتفًا خاصًا وبدأت استخدمه في التقاط الصور".

مصابون بالصمم في غزة يشتكون العزلة بسبب عجز الناس عن التحدث معهم وفهم لغتهم

وأضافت، "بالتأكيد حلمي هو شراء كاميرا خاصة بي، ولكن الظروف المادية لا تسمح، لذلك سوف استخدم هاتفي لحين تُتيح الظروف لي امتلاك كاميرا"، مبينة أنها تسعد كثيرًا عندما يسألها أهلها عن التدريب وتخبرهم ما تعلمته بالتفصيل، "ويكونوا سعداء جدًا بأنني أتطور وأندمج مع الناس، وأصبح لدي أصدقاء كثيرين".

تصوير سند أبو لطيفة

أعربت مروة عن أملها بأن تتنوع المؤسسات "التي تدعم فئة الصم ولا تقتصر على وحدة أو اثنتين"، فالمكان الوحيد الذي يجمعهم الآن هو جمعية الهلال الأحمر.

إيمان أبو جزر (23 عامًا) شقيقة هبة تخوض معها هذه التدريبات أيضًا، فهي "ولأن المجتمع قاسٍ على الصم وجدت أختها هبة صديقتها الوحيدة، وتقول: "أحببت التصوير من حب أختي هبة له، ولأنني أرافقها دائمًا في كل مكان، قررتُ تعلم التصوير معها لكي أكون معها في كل مكان".

تصوير سند أبو لطيفة

وجدت إيمان في هذا التدريب ما افتقدته في ظل ندرة المراكز التي تهتم بشؤون الصم، مضيفة، "نريد الانفتاح على جميع المؤسسات، ويكون لنا مكانًا فيها وتعاملاً معها. يجب أن يفهموا أننا مثلهم لا نختلف عنهم أبدًا، فأنا أرى بأن الأصم أصبح وسيلة لجلب المال لهذه المؤسسات دون إفادتنا بأي شيء".

تُبدي إيمان استعدادها للتطوع في تعليم جميع الناس لغة الإشارة "كي يفهمونا ويصبح التعامل أسهل، وليُمكّننا ذلك من التنقل دون قيود أو خوف. هذا المجتمع يضع حواجز بيننا، لذا لا يزال لدي رهبة منه".

تصوير سند أبو لطيفة
تصوير سند أبو لطيفة

اقرأ/ي أيضًا: 

عريس وعروس من ذوي الإعاقة.. غير ممكن في غزة

العريس سليم والعروس ذات إعاقة.. معقول؟ 

في مؤسسات غزة.. ذوات الإعاقة للاستغلال فقط