تواصل السلطات الأردنيّة منع أهالي قطاع غزة الذين يقطنون الضفة الغربية، من دخول الأردن، أو حتى المرور عبره للسفر خارجًا، رغم تغيير عناوين إقامتهم وسكنهم الدائم إلى مدن وبلدات الضفة، وذلك بتعليق إصدار وثيقة "عدم ممانعة" منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
أوقفت السلطات الأردنية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إصدار ورقة عدم ممانعة التي تشترطها على أهالي قطاع غزة المقيمين في الضفة الغربية، للسماح بهم بالسفر
وتفرض الأردن على كل فلسطينيّ من مواليد قطاع غزة حتى ولو كان يحمل عنوان سكن في الضفة الغربية، أن يحصل على ورقة "عدم ممانعة"، وهي بمثابة الفيزا، قبل السماح له بدخول أراضي المملكة.
وعلم الترا فلسطين من عدد من أهالي قطاع غزة المتواجدين بالضفة، أن استصدار ورقة "عدم الممانعة" في الوضع الطبيعي قبل الحرب، كان يستغرق أسبوعًا إلى أسبوعين، بحسب، ويتم تقديم طلب الحصول على ورقة عدم الممانعة من خلال مكتب "شركة واصل" في رام الله، مقابل مبلغ 50 شيقل (أي ما يعادل 10 دنانير أردنية). غير أنّ السلطات الأردنية منعت أهالي غزة من الدخول إلى الأردن، أو المرور عبره، وأوقفت استصدار ورقة "عدم الممانعة" وفق ما أكده لنا العديد من أهالي القطاع بالضفة، وحملة "بكرامة".
ما الذي تخشاه السلطات الأردنية؟
وقالت مصادر أمنية ومدنية لـ"الترا فلسطين" إن استصدار ورقة عدم الممانعة الأردنية قد يتم في حالات معيّنة عبر أجهزة الأمن الفلسطينية، وبكفالتها.
قابلنا عديد الحالات من قطاع غزة، التي حاولت السفر خلال الفترة من الضفة الغربية إلى الأردن، وأجمعت كلها على وقف استصدار ورقة "عدم الممانعة"، بعضهم رفض الحديث بشكل علني، فيما وافق آخرون بشرط عدم ذكر اسمهم، خشية أن تضع السلطات الأردنية أسماءهم على قوائم منع السفر، بشكل دائم.
وفق مصدر أمني فلسطيني تحدث لـ الترا فلسطين فإن السلطات الأردنية تخشى من موجات هجرة لأهالي غزة، على إثر الحرب على غزة
يقول (م. ش) إنه من مواليد قطاع غزة، وانتقل للعيش في الضفة الغربية عام 2007، وفي تلك الفترة قدّم طلب تغيير عنوان إلى الضفة الغربية، ثم عاد إلى قطاع غزة بعد عام، وحصل قبل عام ونصف على موافقة على تغيير العنوان، ما دفعه للرجوع إلى رام الله والعيش فيها، بعيدًا عن أسرته في قطاع غزة.
يوضح (م. ش) بأنه كان يسافر بشكل طبيعي، ولكنّه وقبل الحرب بأسبوع قدّم عبر مكتب "شركة واصل" طلبًا للحصول على ورقة "عدم ممانعة"، ومنذ 7 أشهر وحتى اليوم لم يتم الرد على طلبه سواء بالرفض أو القبول، وفي كل مرة يراجع فيها يتم الرد عليه بأن الطلب معلّق.
(م. ش) متزوج ولديه أربعة أطفال في غزة، بالإضافة لوالده ووالدته، يقول إنّه قلق عليهم من حرب الإبادة الجماعية المستمرة، وظلّ يسعى طوال الفترة الماضية كي يلمّ شمله مع عائلته في مصر، ولكن دون جدوى.
يشير الشاب الذي تحدّث معه الترا فلسطين إلى أنّ 6 أشخاص آخرين من معارفه تقدّموا أيضًا بطلبات الحصول على ورقة "عدم ممانعة" ولم يحصلوا عليها حتى اليوم.
بعض الأشخاص يتمكنون من استصدار ورقة عدم ممانعة، والسفر، بعد تدخل جهات أمنية فلسطينية وعلى كفالتها
بدورها ذكرت (ر. ع) لـ الترا فلسطين، أنها تمكّنت من السفر إلى الأردن بداية الحرب، وذلك بعد أن ساعدتها أجهزة الأمن الفلسطينية في استصدار "عدم الممانعة".
وأكّد مصدر في جهاز المخابرات الفلسطينية لـ الترا فلسطين بأن الأردن أوقف استصدار "عدم الممانعة"، وهو أمر "سيادي" خشية من حدوث هجرة إلى أراضيه من قبل أهالي قطاع غزة القاطنين في الضفة الغربية، مع خشية بعضهم من الاعتقال أو الترحيل إلى غزة. وقال إنّ جهاز المخابرات يتوسط في استصدار "عدم الممانعة" لدى الطرف الأردني بحيث يكون ذلك على كفالة الجهاز، وبما يضمن عودة الشخص.
وينتظر (أ. ع) الحصول على موافقة على ورقة عدم الممانعة من قبل السلطات الأردنية. يقول لـ الترا فلسطين إنه كان قبل الحرب يحصل على "عدم ممانعة" لدخول الأردن أو المرور منها للسفر على أي دولة بكل يسر وخلال أسبوع، ولكن بعد الحرب كل أهالي غزة ممن يقيمون في الضفة ويحملون هوية بعنوان الضفة باتوا شبه ممنوعين من الحصول على عدم الممانعة أو الفيزا الأردنية إن كان لدخول الأردن والإقامة فيها أو حتى المرور من إلى المطار.
وأضاف أنه كان بصدد السفر إلى مصر قبل شهر، لزيارة عائلته التي خرجت من قطاع غزة، وفقط كان ينوي المرور من الأردن، وقدّم طلب الحصول على "عدم ممانعة" ولكنه حتى اليوم لم يحصل على رد، وما يزال ينتظر الموافقة أو الرفض.
الأمر يحتاج لتدخل سياسيّ، ومستشار وزير الخارجية لا يعلم عن الأمر!
تواصلنا مع خدمة العملاء في "شركة واصل"، وقد أكدوا بدورهم أن تقديم طلبات "عدم الممانعة" لأهالي قطاع غزة من طرفهم لم يتوقّف وما يزال مستمرًّا، غير أنه لا علاقة لهم بالموافقة أو الرفض.
وقال مصدر في حملة "بكرامة" لـ الترا فلسطين إنّ وقف الأردن إصدار "ورقة عدم الممانعة" منذ بدء الحرب، يحتاج لتدخل سياسي من السلطة الفلسطينية، والأمر يفوق قدرة الحملة على التأثير فيه، بحسب قوله.
الممثلية الأردنية في رام الله.. لا جواب!
تواصلنا مع الممثلية الأردنية في رام الله كمواطن غزي ينوي السفر، وأكدوا لنا بأن تقديم الطلبات مستمر، ويجري فقط عبر مكتب شركة واصل. ولدى سؤالهم عن وقف استصدار هذه الورقة ردّوا علينا بأنهم يرسلون الطلبات إلى عمّان، ولا شأن لهم بالرفض أو القبول.
عاودنا الاتصال بالممثلية الأردنية، وعرّفنا عن أنفسنا كوسيلة إعلامية، للرد ّعلى استفسارات أهالي قطاع غزة حول سبب وقف استصدار ورقة عدم الممانعة، وبقاء مئات الطلبات معلقة حتى اليوم، وعمّا إذا كان ثمّة قرار رسمي بمنع دخولهم الأردن، إلا أنهم رفضوا الردّ على ذلك، وطلبوا مراسلة السفير بكتاب رسمي.
وجّه فريق "الترا فلسطين" التساؤلات في كتاب رسمي إلى البريد الإلكترونيّ الخاصّ بالممثلية الأردنية في رام الله، ورغم مرور أسبوعين على ذلك، إلّا أنّنا لم نتلق أيّ رد.
بدوره نفى مستشار وزير الخارجية الفلسطيني أحمد الديك لـ"الترا فلسطين" إطلاعه على الأمر، وطلب منّا إمهاله بعض الوقت للاستفسار، لكنّه لم يجب على الهاتف بعد ذلك.