18-ديسمبر-2016

البلدة القديمة في العيزرية

على بُعد كيلومترين فقط من المسجد الأقصى، وعلى المنحدر الشرقيّ من جبل الزيتون شرقيّ القدس، تتوقّف حافلات السيّاح أمام أربع نخلات هرمة، شهدت وشاهدت كلّ من مرّ أو يمرُّ ببلدة العيزرية، وتخفي خلفها أثارًا وحكايات.

الاحتلال أقام جدارًا بطول 8 أمتار، قطع الطريق، وحجب الحياة في العيزرية عن القدس

خلف تلك النخلات الفارعة الطول، توجد كنائس الفرنسيسكان والروم الأرثوذكس، ومسجد العزير، وكذلك قبر "أليعازر" الذي يتوسّط المسجد والكنيسة، حيث كانت الجناين وعيون الماء السبع، قديمًا.

العيزرية، التي يزيد تعداد سكّانها عن ثلاثين ألفًا، هي حلقة الوصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، والطريق المؤدية إلى القدس للقادمين من عمّان وأريحا، والمحطة الأخيرة قبل دخولها، لكن جدارًا بطول ثمانية أمتار بناه الاحتلال، قطع الطريق، وحجب الحياة في البلدة عن قبسها القدس.

اقرأ/ي أيضًا: بالصور: رحلة إلى بيت لحم.. عجائب فلسطينية

يقول رئيس بلديتها، موسى الشاعر، لـ ألترا فلسطين، إن البلدة القديمة في العيزرية، هي الثالثة من حيث المواقع السياحية في فلسطين، بعد القدس وبيت لحم. ومن النادر جدًا، أن تجد بلدًا تضم كنيستين يتوسطهما مسجد.

وتمتاز أيامها باستقبال نصف مليون سائح على مدار العام، وفقًا للشاعر، لكن يومًا استثنائيًا ربيعيًا سنويًا تقليديًا، يدعى "سبت العِازر"، يحييه الحجاج المسيحيون، واعتاده ويحبه مواطنو البلدة التي تقوم على مساحة11  ألفًا و179 دونمًا.

وتضم العيزرية أيضًا، خمس كنائس أخرى، وهي كنيسة مريم ومارثا التي بنيت عام 1889، وكنيستا الطليان في منطقة الحموي وتم بناؤهما عام 1880، وكنيسة المسكوبية التي بنيت عام 1934، بالإضافة لكنيسة الحبش وهي حديثة بنيت في بداية السبعينيات.

وفي هذا "السبت" السنوي، يأتي السيّاح الأجانب من روسيا وقبرص واليونان وأوروبا، للحجّ، والاحتفال بـ الطقوس، ابتداءً من دير الروم الأرثوذكس في منتصف البلدة، ومرورًا ببيوت قديمة جدًا، وبالكنائس، وأيضًا لزيارة قبر أليعازر مكان حدوث المعجزة.

ووفق ما ورد في إنجيل يوحنّا، فإن المسيح أحيا أليعازر بعد أربعة أيام على موته، عندما استقبلته أختا أليعازر مريم ومارثا، بكثير من اللوم، والعتاب: "لو كنت هُنا قبل وفاة صاحبك لشفيته من مرضه"، فأزاح المسيح البلاطة عن قبره داخل المغارة، وقال: "انهض يا أليعازر". فنهض، وأصبح "سبته" احتفالًا سنويًا.

وفي المنطقة ذاتها، توجد ما كانت تعُرف ببلدة "النبيّ العزير"، وكانت تسمّى أيضًا "بيت عينيا"، أي "بيت البؤس أو بيت التمر"، وفيها مسجد العزير، الذي كان بناءً أقامه "الفرنجة"، إلّا أنّ صلاح الدين الأيّوبي حوّله إلى مسجد ملاصق للكنيسة، عندما فتح مدينة القدس عام 1187 للميلاد.

وفي العيزرية ايضًا، منطقة "القناطر"، وهي برج دفاعيّ أقامه الفرنجة، وتطل على البلدة من منطقة عالية قرب الجدار الفاصل، وقد بُنيت على خزان روماني لجمع المياه، بطول 14 مترًا تقريبًا، ومثلها في العرض، وسماكة جدرانها أربعة أمتار، وكانت تستخدم كملجأ في الطوارئ، حين لا يتوفّر الوقت الكافي للمقيمين، للهرب خارج المدينة.

رئيس بلدية العيزرية، الشاعر، يقول إنّهم يحاولون الحصول على مشاريع لترميم القناطر والجزء الجنوبي مما تبقى من بيوت قديمة، لافتًا إلى أنّه ومنذ العام 2009، تم تنفيذ عدّة إصلاحات وترميمات، لإظهار القيمة التاريخية والدينية للبلدة، بمبلغ نصف مليون دولار.

تطغى أخبار المخدرات والسلاح والفوضى والجريمة على جمالية البلدة

الصورة الجماليّة في البلدة المصنّفة في مناطق (ج) وفقًا لاتفاق أوسلو، لم تمنع انتشار تعاطي وتجارة المخدرات والأسلحة، الأمر الذي يؤرق أهالي البلدة، الذين يطالبون بزيادة عدد أفراد الشرطة الفلسطينية الذين انتشروا في البلدة مؤخرًا. رغم أنّها خاضعة للسيطرة الأمنيّة الإسرائيلية.

اقرأ/ي أيضًا: بربارة.. أسطورة القداسة

ويقول المتحدث باسم الشرطة المقدم لؤي ارزيقات، لـ ألترا فلسطين، إن نقص عناصر الشرطة في العيزرية، يعود لنقص الكادر البشري، وهناك مطالبات لتفريغ عناصر جدد، لحل إشكالية نقص الكادر. ويشير إلى أن مركز الشرطة في العيزرية وأبو ديس، ويغطي المناطق المحيطة، يضم نحو 30 شرطيًا، بينما المركز يحتاج لـ120.

ولتطوير السياحة بشكل أكبر، تقوم بلدية العيزرية، بإنشاء مركز استعلامات، بالإضافة لعقد دورة تدريبية بالتعاون مع وزارة السياحة، لعشرة من شابات وشباب البلدة، ليكونوا أدلاء سياحيين.

وتعمل البلدية على افتتاح محال أخرى، بالتعاون مع المجتمع المحلي، من مطاعم، وعرض مشغولات يدوية بأيدي نساء البلدة من نسيج وتحف وهدايا، من شأنها إفادة السائح، وأهل البلدة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

مار سابا.. قصة دير مُحرَّم على النساء

فسيفساء "قصر هشام" تخرج من تحت الرمال

الظاهرية.. غنيّة بالآثار فقيرة بالزوّار