07-أبريل-2017

في فيلم قصير يزور أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة معملًا لتصنيع المانيكان (دمى عرض الملابس)، ضمن حملة توعوية تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصة. يتم أخذ مقاسات هؤلاء الأشخاص، لتصميم مانيكانات طبق الأصل عن أجسادهم.

المانيكانات طبق الأصل عن أجساد ذوي الاحتياجات الخاصة، تُعرض في واجهات محلات تجارية في مدينة زيورخ السويسرية،  لرصد ردود فعل المارّة عندما يرون دمى العرض على غير ما اعتادوا عليه؛ ليست دمىً رشيقة، طويلة أو مثالية القوام.

استخدمت الحملة المانيكان لإيصال رسالة إنسانية تدعو فيها الناس ليكونوا أكثر تسامحًا وتقبُلًا لبعضهم البعض

ويُظهر الفيلم الذي نُشر في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 2013، تزامنًا مع اليوم العالمي للتضامن مع الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة، يُظهر كيف يمكن لتفاصيل صغيرة اعتاد الناس على رؤيتها بشكل محدد أن تقدّم رسالة قوية عندما تأتي بطريقة مختلفة وصادمة.

كانت هذه الحملة هي أوّل ما يخطر على البال عند متابعة الجدل الذي أثاره مسؤول بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية في قطاع غزة، حول تحريم المانيكان، بدعوى أنه خادشة للحياء العام.

إن تنامي الجدل الدائر حول كل ما يخص النساء ومناقشته بالتحليل أو التحريم حتى لو كان هذا الشيء دمية، يخبرنا جديًا أن الوقت قد حان  ليتحمّل الرجال دورهم الحقيقي في هذه المعركة ليس دفاعًا عن النساء بل دفاعًا عن أنفسهم.

يتوجّب على الرجال الذين لا تعجبهم مثل هذه التصريحات التي تتحدث باسمهم طوال الوقت، والتي تحوّلهم إلى وحوش أو كائنات غير متزنة ذات شهوات لا حدّ لها، لدرجة أنّها قد تغريها دمية عرض ملابس، عليهم أن يخرجوا عن صمتهم وأن يطلبوا من ذاك المسؤول وغيره، التوقّف عن الحديث باسمهم وكأنّهم لا عقل لهم ولا قلب.

في صدفة حزينة، تزامن التصريح مع تدشين فتيات مصريات هاشتاغ #أول_محاولة_تحرش_كان_عمري، ردًا على تصاعد وتيرة العنف الجنسي في مصر ضد الأطفال والنساء والتي كان أبشع جرائمها مؤخرًا اغتصاب طفلة رضيعة تبلغ من العمر عامين.

من خلال الهاشتاغ تروي المغردات قصص التحرش بهن منذ الطفولة، وسط تخاذل الأهل وتجاهل المجتمع وتقصير القانون في حمايتهن. هذا التزامن يخبرنا كم هي الحكومات مقصّرة في مواجهة المجرمين الحقيقيين وكم هي سخية عندما يتعلق الأمر بالحديث عن الوهم بل وصناعته.

وبينما يسهل على  هذه الحكومات أن تدير ظهرها لنساء وقعن ضحايا جرائم حقيقية، فإنها تتفانى في خلق المخاوف والهلوسات التي أسست وستؤسس لمزيد من الأمراض الاجتماعية الخطيرة.

من المؤسف أن الكثيرين من رجال الدين والسياسة في فلسطين والوطن العربي يؤمنون بأنّ الركيزة الأساسية لحماية النساء، تتحقق من خلال الحفاظ على مشاعر الرجال، حتى قانونيًا لا يحمي القانون امرأة وقعت ضحيّة لرجل هائج المشاعر (على سبيل المثال ما يعرف بالعذر المخفف الذي يمُنح للقاتل فيما يسمى بجرائم الشرف). فإذا حصل وهاجت مشاعر الرجل فإن الخطوة التالية هي البحث عن المسؤول الذي ساهم في إثارة مشاعره بالشكل الذي تسبب بحدوث الجريمة التي قد تكون ضحيتها طفلة أو طفل أو امرأة. وعن حلّ المشكلة ومعاقبة المجرم فحدّث ولا حرج.

إن انتشار المرض أمرُ سهلٌ جدًا، رجل واحد مريض قد ينقل العدوى إلى مجموعة إذا تواصل معهم. العدوى وأخطارها  ليست حكرًا على المرض الجسديّ فقط، بل هي أخطر ما يكون عندما يكون المرض نفسيًا، فإذا أصابت فكرةٌ عقلَ انسانٍ بالهوس، فمن السهل عليه تمرير هوسه إلى الآخرين خاصة إذا كان يملك منصة عالية تؤهله للتواصل مع الكثيرين، سواءً بحكم منصبه وسلطته، أو بحكم سهولة الوصول إلى الناس هذه الأيام، والحديث معهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وهنا فإن ترديد جملة "المنيكان مثير للرذيلة" عدّة مرة عبر منصات التواصل الاجتماعي سيُشعر الكثير من الرجال بأنّه من الطبيعي أن يثيرك المنيكان، ولكن حقًّا هذا ليس طبيعيًا.

 أيها الرجال يكفيكم صمتًا، إذا كنتم كما يُقال، فأخبرونا حتى نجيد التصرّف، وإذا لم تكونوا فأخبروا ذاك المسؤول حتى يتوقف!


اقرأ/ي أيضًا:

بين رام الله وغزة لعنة عاشق!

في غزة.. آباء يدفعون أطفالهم للسرقة

يحدث تحت أنوفنا.. عن اللجوء الأفريقي إلى إسرائيل