21-مارس-2021

توضيحيّة (getty)

لا تلقى التصريحات التطمينية من وزارة الصحة قبولًا لدى قطاع واسع من الفلسطينيين، خاصة المرضى ومرافقيهم ممّن زاروا المستشفيات الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة. فهؤلاء يواصلون الحديث عن "تقصير" كبير ومشاكل في الأكسجين، وفي التعامل مع المرضى.

بقيت هدى برجس في مستشفى رام الله 22 يومًا، لكنّها فقدت حياتها بعد دخولها غرفة العناية المكثفة بيوم

هدى برجس من رام الله كانت من المرضى الذين دخلوا مجمّع فلسطين الطبي، ومكثت فيه 22 يومًا تقريبًا، وحالتها مستقرة، لكنها فقدت حياتها بعد دخولها غرفة العناية المكثفة بيوم واحد، حسب ما أفاد محمد أكرم، شقيق زوج المتوفية لـ الترا فلسطين.

اقرأ/ي أيضًا: شبهات "تجاوز" لإجراءات الوقاية من كورونا في المستشفيات

وقال أكرم: "حين كنّا نسأل الأطباء ماذا يحصل، يقولون يوجد خلل في إمدادات الأكسجين. لقد رأيت بعيني أن بعض الممرضين يلعبون على هواتفهم والمرضى بحاجة لهم وينادون عليهم خلال الشفت المسائي".

ووصف أكرم ما يجري بحق المرضى في مجمع فلسطين الطبي بـ"الإعدام"، قائلًا إنّه سيرفع شكوى رسمية بما حصل. وأضاف: "عند إدخالي لزوجة أخي للمشفى ذهبت قبلها وأبلغت الأطباء بأنها مصابة بفايروس كورونا، لكنّهم أدخلوها بين الناس وبقيت يومين بين المرضى".

عائلة برجس: من يدخل غرف العناية المكثّفة لا يخرج حيًا

وتابع: "هناك إهمال في غرف العناية المكثفة، فمن يدخل إليها لا يخرج حيًا، لذلك يرفض أهالي المرضى إدخال ذويهم إليها". ويشير أكرم إلى عدم توفر كادر طبي كافٍ للعناية بمرضى فايروس كورونا، فلا يوجد في القسم سوى ثلاثة ممرضين.

اقرأ/ي أيضًا: الهلال يوضح عمل مستشفى البيرة لمرضى كورونا

ويشكل الانخفاض في ضغط الأكسجين خطرًا على حياة المرضى وإن كان بنسبة أقل من الانقطاع. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن واحدًا من بين كل 6 أشخاص تتفاقم حالته بسبب فايروس كورونا ويمكن أن يعاني من صعوبة بالغة في التنفس، لهذا شكلت أجهزة التنفس الاصطناعي ملاذًا لإنقاذ الأرواح ومساعدة المريض الذي لا يستطيع التنفس مطلقًا أو جزئيًا.

ينفي المدير العام للخدمات الطبية المساندة في وزارة الصحة أسامة النجار ما يشاع عن وفاة المواطنين المصابين بفايروس كورونا عند دخولهم لغرفة العناية المكثفة، مضيفًا أنه "على المستوى العام يوجد في كل مركز علاجي لفايروس كورونا جهاز يصنع الأكسجين ويضخه لغرف العمليات والعناية المكثفة، وحاويات أكسجين كبيرة فيها أكسجين سائل يستخدم فيما لو حصل عطل في المضخة الرئيسة، وهو ممتلئٌ دومًا، ويضخ الأكسجين السائل ويحوّله إلى غاز وينقله إلى الغرف، بالإضافة إلى وجود عشرات عبوات الأكسجين في كل مركز علاجي لكورونا".

وزارة الصحة: نقص الأكسجين غير وارد، ويتم التأكد من الضّخ وكميّته وفقًا للمعايير الدولية

وأكد النجار لـ الترا فلسطين، أن نقص الأكسجين "غير وارد على الإطلاق"، مشددًا على أن "نظام الإنذار الخاص بالأكسجين يعطي منبهًا لوجود أي نقص في الأكسجين لدى المريض، كما يوجد فنيون يتأكدون من المؤشرات الخاصة بالأكسجين في كل مركز علاجي بما في ذلك الضخ وكميته وضغطه استنادًا للمعايير الدولية.

اقرأ/ي أيضًا: الكارنتينا: تاريخ الحجر الصحي في فلسطين

وأضاف، "أجهزة المراقبة في غرف العناية المكثفة موجودة أمام المريض وأهله والمؤشرات تكون واضحة، بالإضافة إلى أن هذه الأجهزة تعمل بطريقة آلية وفق حاجة المريض، إذ تقيس الحسّاسات الموجودة داخل الجهاز نسبة الأكسجين وثاني أوكسيد الكربون لدى المريض وتعدل القراءة بناء على حاجته".

وأكد النجار عدم وجود وفيات في فلسطين بسبب نقص الأكسجين، منوّهًا أن 30% فقط من الذين يحتاجون للتنفس من خلال جهاز التنفس الاصطناعي يبقون على قيد الحياة حول العالم. وهُنا سألنا النجار حول عدد من احتاجوا لأجهزة التنفس -في المستشفيات الفلسطينية- منذ تفشي الوباء؛ وعن نسبة الذين تعافوا منهم ونسبة الذين فارقوا الحياة، لكنّه أجاب بأنه من الصعب حصر عدد معين منذ بداية الأزمة، وقال إن "الأرقام ربما تكون متوفرة لدى الوزارة".

لا توجد لدى وزارة الصحة معلومات عن نسبة الذين تعافوا أو فارقوا الحياة بعد الحاجة لاستخدام أجهزة التنفس في المستشفيات

حاولنا التواصل مع مدير المستشفيات ومدير الطب الوقائي للحصول على هذه المعلومة، لكن لم نتلق أي رد على اتصالاتنا. كما لم نجد المعلومة لدى إعلام الوزارة أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: أوبئة غيرت وجه الحياة في فلسطين

وقال النجار إنهم "في وزارة الصحة وظفوا أخصائيي رعاية تنفسية يقتصر عملهم على متابعة حالة المريض وهو على جهاز التنفس بشكل لحظي، أي أنهم موجودون في الغرفة بشكل مستمر". ويتابع: "من المستحيل أن يحصل انخفاض للأكسجين لأي مريض وأن يكون هذا سبب وفاته".

ومع مرور سنة على تفشي الوباء محليًا، وأمام أزمة إشغال الأسرَّة وأجهزة التنفس التي تؤكد وزارة الصحة وجودها جرّاء ارتفاع عدد مصابي كورونا الذين يحتاجون المستشفيات، عاد إلى الواجهة إعلان جامعة القدس عن تصنيع جهاز للتنفس الاصطناعي في بداية تفشي الوباء، وتساءل كثيرون على مواقع التواصل "لماذا لا تستعين الوزارة بجامعة القدس لتصنيع هذه الأجهزة وحل الأزمة".

جامعة القدس: جهاز التنفس الذي أنتجناه خضع للتجربة وجاهزون لتصنيع المزيد

وردًا على سؤال بهذا الخصوص؛ أجاب رئيس جامعة القدس عماد أبو كشك بأن الجهاز خضع للتجربة عدة مرات بإشراف وزارة الصحة وهيئة المواصفات والمقاييس وتم اعتماده رسميًا، مؤكدًا أن الجامعة جاهزة لتصنيعه في أي وقت تطلبه جهة الاختصاص.

نقلنا إجابة السؤال إلى النجار، فردّ بأن هذا الجهاز بحاجة إلى تجريب على مرضى، "وهو أمر ليس سهلًا، ولا يمكن دون موافقة المريض وأهله، لأنه جهاز جديد خاضع للتجربة، ويمكن أن يتوقف الجهاز عند التجريب، لذلك رفض أي مواطن أن يجربه على نفسه". وأكد وجود "عدد كافٍ" من أجهزة التنفس الاصطناعي، رغم المخاوف الجدية لدى المرضى وعائلاتهم بهذا الخصوص.

وزارة الصحة: لا نجد مرضى يقبلون تجربة جهاز التنفس الذي صنعته جامعة القدس

لكن هذه الصورة الوردية التي تؤكد عليها وزارة الصحة في التعامل مع مصابي كورونا، ينكرها تمامًا مرافقو مرضى في المستشفيات. ففي الوقت الذي يؤكد النجار عدم وجود خلل أو نقص في الأكسجين، شاهد الصحفي محمد شوشة بعينه كيف تم أخذ الأكسجين من والده المريض -الذي كانت حالته مستقرة- لوضعه لمريض بجانبه، بعد تعطل جهازه في مستشفى بيت جالا الحكومي.

شاهد/ي أيضًا: فيديو | أوبئة قاتلة مرت بفلسطين

وقال شوشة لـ الترا فلسطين: "حين عدنا إلى والدي بعد انتهاء زيارة الطبيب، وجدناه متعبا جدًا وحدثنا بما حصل، بينما قال لنا الممرضون إنهم يعملون على إصلاح الجهاز الآخر وأن وضع أبي مستقر، لكن الجهاز لم يصلح وانتكس وضع أبي الصحي بشكل كبير ومات المريض الذي بجانبه في اليوم التالي".

وأضاف، "أمس انخفض الأكسجين من المستشفى، وذهبت الناس تجري لإحضار جرة أكسجين لإنقاذ مرضاها. هذه الفترة البسيطة بالتأكيد عرّضت حياة جميع المرضى للخطر، ثم وضعوا (المستشفى) بجانب كل مريض اسطوانتي أكسجين في غرفة العناية المكثفة".

محمد شوشة اشترى على حسابه الشخصي اسطوانة أكسجين لوالده الذي يرقد في المستشفى

وأشار شوشة إلى أنه اشترى اسطوانة أكسجين لوالده على حسابه الشخصي تخوّفًا من أي انقطاع، "فلا توجد أجهزة احتياط في حالة حدوث أي طارئ".

وتابع، "الأطباء يقولون إن كل شيء تحت السيطرة، لكن الأمر غير صحيح، فطبيب واحد فقط يشرف على جميع القسم، وغير متوفر دائمًا... الناس هنا تموت بصمت وعند حضور الإعلام الرسمي للتصوير يتم تنظيف المستشفى ليظهر كل شيء على ما يرام".

وقال: "يشعر الناس برعب عند حدوث أي هبوط أو انقطاع في الأكسجين، وتحدث فوضى عارمة، فالدقيقة الواحدة قد تنهي حياة عشرات المرضى".

وكانت وزارة الصحة قد حذّرت من نشر شائعات بخصوص الوضع في المستشفيات، وقالت إنها ستلاحق من يروّجون الشائعات قانونيًا. لكن هذا التحذير وكذلك التصريحات التطمينية، وآخرها تأكيد رئيس الحكومة محمد اشتية من أن القطاع الصحي "متماسك وبكامل الجهوزية"، لم يمنع المخاوف الكبيرة من زيارة المستشفيات، ولا من اتهام الوزارة بالتقصير في التعامل مع الجائحة.


اقرأ/ي أيضًا:

3 تحديات تواجه نشر التطعيم في فلسطين

فيديو | ماذا يقول الناس عن الطب في فلسطين؟

7 إجابات رئيسة حول فعالية لقاح كورونا وخطورته