17-أكتوبر-2023
صورة أرشيفية: جندية في جيش الاحتلال تراقب الحدود مع لبنان ومناطق أخرى داخل لبنان.

صورة أرشيفية: جندية في جيش الاحتلال تراقب الحدود مع لبنان ومناطق أخرى داخل لبنان

الترا فلسطين | فريق التحرير

"أنا شايف كلشي"، هكذا كتب مسؤول الاحتلال لمنطقة رام الله التحتا وبيتونيا في بوست ممول عبر فيسبوك. هذا البوست الذي قال فيه إن ما حدث في الجنوب -يقصد عملية طوفان الأقصى- "مش مسخرة"، يؤكد مخاوف المواطنين من مراقبة محتواهم وهواتفهم على يد الاحتلال. إذ غرقت مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين بشهادات من أفراد فُتشت هواتفهم، ورسائل تحذيرية تنادي بـ"حذف الصور عن الهواتف"، والتأكيد أنه سيتم "تفتيشها في اللحظة الأولى من الاعتقال". 

خبراء: فشلت وحدة 8200 في توقع هجمات طوفان الأقصى، لوجود الكثير مما ينبغي عليها القيام به، وإلى تزايد "المتطلبات "الأمنية" في الضفة الغربية وتوسع المستوطنات، والاضطرابات الداخلية مع احتجاج مئات الآلاف من الإسرائيليين على خطط  نتنياهو.

هذه المخاوف من قيام الاحتلال بالتنصت ومراقبة أجهزة المواطنين ومواقع السوشال ميديا الخاصة بهم لم تأت من فراغ، إذ أقرت الشرطة الإسرائيلية بالتحقيق مع عدة فلسطينيين، ممن نشروا تغريدات وتعليقات ينتقدون فيها الاحتلال أو يدعمون فيها المقاومة.  

 كما تباهى الاحتلال مرات عدة بوحدة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي 8200، إذ أمضت "إسرائيل" عقودًا من الزمن في تطوير عمليات التجسس المعقدة، امتدت عبر شبكات عميقة من المخبرين، والمراقبة الشاملة، وبرامج يمكنها تحويل الهواتف المحمولة إلى أجهزة تنصت، حسبما ذكر موقع بلومبيرغ، لتصبح أكبر قسم استخبارات عسكري في الجيش.

إلا أن الوحدة 8200، رغم كل هذا، فشلت في توقع عملية طوفان الأقصى، الأمر الذي يحيله بعض الخبراء إلى "وجود الكثير مما ينبغي عليها القيام به، مع التركيز على حماس، وحزب الله، وعلى لبنان وإيران والتهديدات المحتملة من سوريا"، بناء على موقع بلومبيرغ. هذا بالإضافة إلى تزايد "المتطلبات "الأمنية" في الضفة الغربية وتوسع المستوطنات، والاضطرابات الداخلية مع احتجاج مئات الآلاف من الإسرائيليين على خطط رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لزيادة السلطات البرلمانية في المحكمة العليا، وقد امتدت هذه الاحتجاجات أيضًا لتشمل ضباط الاحتياط في وحدة 8200، الذي رفض بعضهم الخدمة الاحتياطية، حسبما نشرت صحيفة هآرتس العبرية.

ويقول جيفري ويلز، خبير الاستخبارات السيبرانية، وهو على اتصال بالعاملين الإسرائيليين الحاليين والسابقين في الوحدة 8200، إن كل هذه الأسباب قد صرفت انتباه "إسرائيل" وأضعفت وكالات الاستخبارات. وأضاف لموقع بلومبيرغ أن الوحدة 8200 فقدت الكثير من "المواهب" بعد أن انتقلوا إلى عالم الأمن السيبراني التجاري المزدهر، وجذبتهم طموحات ريادة الأعمال والمكافآت العالية. 

ولكن، نتيجة لعملية طوفان الأقصى، فمن المتوقع أن يعود جنود الاحتياط في الوحدة 8200 الموجودين في الخارج إلى "إسرائيل"، ليستهلوا عملهم، كما توقع العضو السابق في الوحدة ألون أرفاتز لبلومبيرغ، مدعيًا أنه لم يكن هناك أي تدهور في قدرات الوحدة. 

منظومة تجسس متطورة ذات سمعة سيئة

تقوم الوحدة 8200 على تحليل البيانات من الأجهزة الإلكترونية والهواتف الخاصة بالمشتبه بهم وأشخاص آخرين في محيطهم، ويزعم الجهاز أنها أتاحت لهم إحباط عمليات قبل وقوعها واعتقال أشخاص من الضفة الغربية عندما كانوا في طريقهم لتنفيذ عمليات.

وكشف أمير بخبوط، المعلق العسكري لموقع "واللا"، في تقرير نشر في شهر أبريل/نيسان 2023، أن هذه "الآلة" يديرها جنود في مركز يحمل اسم "فنانو المعلومات"، وهو مختص بتوفير المعلومات الاستخبارية لمقر قيادة الأركان العامة ومقرات القيادة الإقليمية، والفروع، والفرق، والألوية، ووحدات النخبة في العمليات الخاصة، وحتى جهازي الشاباك والموساد.

موقع "The Cradel" : إحدى التفسيرات الأكثر إثارة للاهتمام المقترحة حتى الآن؛ هو أن المقاومة استخدمت هواتف هواوي الذكية في اتصالاتها الرقمية.

وذكر موقع "The Cradel" أن الضغط الحكومي الإسرائيلي يتغلغل من أجل "سيادة الأمن السيبراني في كل مجالات المجتمع الإسرائيلي"، وتعمل الجامعات على صقل تقنيات جديدة مبتكرة وتدريب جيل جديد من جواسيس الإنترنت وعملاء الأمن، ليتم توظيفهم بعد تخرجهم في الشركات المحلية والخارجية. 

وشرح الموقع أن الأسلحة السيبرانية التي تستخدمها "إسرائيل" اكتسبت سمعة سيئة، مثل برنامج بيغاسوس، الذي يتيح جمع كميات هائلة من بيانات مستخدمي الهواتف الذكية بشكل سريع وبوقت فعلي. 

وكان في السنوات الأخيرة، قد تم الكشف عن ضلوع حكومات أجنبية ووكالات أمن دولية في فضائح بسبب استخدامها السري لبرنامج بيغاسوس بشكل روتيني، الذي تم تطويره على يد مجموعة NSO، التي أسسها عميل سابق في الموساد. 

ويقول "The Cradel"، إن إحدى التفسيرات الأكثر إثارة للاهتمام المقترحة حتى الآن لفشل الوحدة 8200 في عملية طوفان الأقصى؛ هو أن المقاومة استخدمت هواتف هواوي الذكية في اتصالاتها الرقمية، قد يكون ذلك بسبب رفض شركة هواوي إدخال أبواب خلفية للتنصت في التكنولوجيا والأجهزة الخاصة بهم. إذ أن وظيفة الاتصال عبر الأقمار الصناعية في هاتف Huawei Mate 60 Pro، على سبيل المثال، "تسمح للهاتف بإجراء المكالمات ونقل البيانات دون اتصال بالشبكة، وبالتالي تجنب مراقبة برامج التجسس بيغاسوس".

يستخدم نموذج هواوي أيضًا نظام التشغيل Harmony المستقل "الذي يعتمد أحدث الإجراءات الأمنية للدفاع بشكل فعال ضد هجمات برامج التجسس بيغاسوس"، والتي يمكنها تجنب مراقبة البرنامج بشكل فعال.

وأشار "The Cradel" إلى أن طوفان الأقصى لم يكن فشلًا أمنيًا مهينًا لـ"إسرائيل" فحسب، بل أثار أيضًا تساؤلات حول فعالية التكنولوجيا الأمنية التي تتبجح بها.و من الممكن أن يكون لعملية طوفان الأقصى التاريخية في 7 أكتوبر\تشرين الأول عواقب بعيدة المدى، مما يؤثر على سمعة الاحتلال ليس فقط في المجال العسكري، ولكن في المجالين التجاري والاقتصادي أيضًا.