02-أكتوبر-2023
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - getty

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو - getty

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

قالت صحيفة بريطانية إنه رغم مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للدفع نحو توقيع اتفاقية تطبيعٍ مع السعودية ومحاولاته لإظهار ذلك على أنه "هدية كبرى"؛ إلا أن حتى من حلفائه ومعارضيه يرون فيها "خطرًا" لا يجب أن يتحقق.

بالنسبة لائتلاف نتنياهو اليميني المتطرّف، الذي يتولى فيه القوميون المتطرفون أدوارًا رئيسة؛ فإن الجزء الأصعب من أي اتفاق تطبيع مع السعودية، سيكون تقديم تنازلات للفلسطينيين

وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" اللندنية، في عددها اليوم الإثنين، فقد تلقّى نتنياهو خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي؛ آمالًا في التوصّل إلى اتفاق تاريخي لإقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض، وهو ما تُوّج لأول مرة، بزيارة رسمية مُعلنة لوزير إسرائيلي إلى المملكة.

وأضافت الصحيفة في تقريرها أن تسارع المحادثات المتعددة الأطراف المعقدة بين المسؤولين الأميركيين والسعوديين والإسرائيليين والفلسطينيين، أصبح -"الحبل المشدود" الذي يجب على نتنياهو السير عليه لكسب الدعم المحلي لاتفاق ينطوي على إمكانية إعادة ترتيب الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط -واضحًا كذلك.

وقالت إن تطبيع العلاقات مع مملكةٍ يُنظر إليها على أنها إحدى قادة العالم الإسلامي السنّي، وهو الأمر الذي يمكن أن يشجّع دولًا عربية وإسلامية أخرى لأن تحذو حذوها؛ هو بمثابة "جائزة" تحظى بجاذبية عبر الطيف السياسي الإسرائيلي، لكن لدى حلفاء نتنياهو ومعارضيه على حد سواء تحفّظات بشأن جوانب تلك الصفقة، وفي الأسابيع الأخيرة رسموا خطوط المعركة الخاصة بهم.

فبالنسبة لائتلاف نتنياهو اليميني المتطرّف، الذي يتولى فيه القوميون المتطرفون أدوارًا رئيسة؛ فإن الجزء الأصعب من أي اتفاق سيكون تقديم تنازلات للفلسطينيين؛ وهو أمر قال مسؤولون أمريكيون وسعوديون إنه سيكون ثمن تطبيع العلاقات مع المملكة الخليجية.

وبيّنت الصحيفة نقلًا عن مطّلعين على المحادثات أن المسؤولين الفلسطينيين شرحوا لنظرائهم السعوديين والأمريكيين مطالبهم المتمثلة في تجميد توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والمزيد من السيطرة على أراضٍ فيها، فضلًا عن الدعم المالي، لكن لا يزال من غير الواضح ما هي التنازلات التي ستسعى إليها واشنطن والرياض.

بن غفير وسموتريتش يرفضان أي خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية، ولن يقبلا تنازلات سياسية أو إقليمية 

وترى أن بعض المتشددين في ائتلاف نتنياهو قد يقبلون بخيار زيادة الدعم الاقتصادي للفلسطينيين؛ إلا أن الحزبين اليمينيين المتطرفين بقيادة وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش –وكلاهما يسعى إلى ضم الضفة الغربية ويرفضان أي خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية– أوضحا أنهما لن يقبلا تنازلات سياسية أو إقليمية.

وقال بن غفير، الذي تربطه علاقة متوترة بنتنياهو الشهر الماضي، إن حزب "القوة اليهودية" الذي يتزعمه "سيترك الائتلاف إذا تضمّن الاتفاق تنازلات للفلسطينيين، وهو تهديد- إذا تم تنفيذه- سيحرم نتنياهو من أغلبيته.

وقال سيمحا روثمان، النائب عن حزب "الصهيونية الدينية" الذي يتزعمه سموتريتش، لذات الصحيفة: "لا يمكنك التوصّل إلى اتفاق حقيقي من خلال تقديم تنازلات للفلسطينيين –فلا تفاوض حول ذلك".

ولدى البعض في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، والذي يشغل نصف مقاعد الائتلاف، تحفظات مماثلة.

وقال أحد المقربين من الحزب: "أعتقد أن أي نوع من التنازلات الإقليمية سيكون خطًا أحمر بالنسبة للكثيرين في الليكود، كما أن الخط الأحمر الآخر سيكون في الأمور التي يمكن اعتبارها رمزية في ظل ظروف معينة، مثل العضوية الفلسطينية الكاملة في الأمم المتحدة".

فايننشال تايمز: إذا لم يتمكن نتنياهو من حشد الدعم الكافي للتوصل إلى اتفاق داخل ائتلافه؛ فسيتعين عليه إما التخلي عن فكرة التطبيع أو المقامرة بدعم أحزاب المعارضة

ووفقًا لـ"فايننشال تايمز"، فإذا لم يتمكن نتنياهو من حشد الدعم الكافي للتوصل إلى اتفاق داخل ائتلافه؛ فسيتعين عليه إما التخلي عن فكرة التطبيع أو المقامرة بدعم أحزاب المعارضة -على الأرجح أحد حزبي "يش عتيد" الوسطي بقيادة يائير لابيد أو كليهما، وحزب الوحدة الوطنية بقيادة بيني غانتس– لدفعه عبر الكنيست.

واستبعد كل من لابيد وغانتس الانضمام إلى ائتلاف نتنياهو الحالي، أو استبدال حزب بن غفير أو سموتريتش في حالة مغادرتهما احتجاجًا على الاتفاق. لكن كلاهما أعربا عن دعم واسع النطاق للتطبيع مع السعودية، وتركا الباب مفتوحًا أمام إمكانية دعم اتفاق من خارج الحكومة إذا لم ينتهك خطوطهما المحظورة.

وفي إطار المحادثات المستمرة؛ تسعى السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، للحصول على دعم واشنطن لبرنامج نووي ذو أبعادٍ مدنية. وأصر لابيد على أنه لن يدعم قرارًا يسمح للمملكة بتخصيب اليورانيوم على أراضيها. لكن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يناقشون الخطوات التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة للاحتفاظ بقدر من السيطرة على عملية التخصيب، ويقول مسؤولو المعارضة إن حل هذه الأزمة قد يمهد الطريق لدعم الصفقة.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن أحد مسؤولي المعارضة قوله: "الشيء الوحيد الذي يمنعنا حاليًا من التوصل إلى اتفاق التطبيع هو تخصيب اليورانيوم؛ فإذا لم يكن هذا العنصر في الاتفاق النهائي، فإن المعارضة ستدعم الاتفاق على الفور".

مسؤول في المعارضة الإسرائيلية: الشيء الوحيد الذي يمنعنا حاليًا من التوصل إلى اتفاق التطبيع هو تخصيب اليورانيوم

لكن آخرين متشككون حيال ما إذا كان التعاون بين الحكومة والمعارضة الإسرائيلية ممكنًا في الوقت الذي تفاقمت التوترات القائمة منذ فترة طويلة في السياسة الإسرائيلية بسبب نزاع مرير حول حملة الحكومة لكبح جماح سلطة القضاء.

وقال أحد المقربين من "الليكود": "لا أظنّ أن الأمر واقعي حاليًا، فقد كانت هناك محاولة خلال نصف العام الماضي للتوصل إلى حل وسط بين الحكومة والمعارضة بشأن التعديلات القضائية؛ لكنهم لم يتمكنوا من إحرازه، فيما كان انعدام الثقة والشكوك المتبادلة سيّد الموقف".

واليوم- بحسب الصحيفة-، يتساءل بعض المحللين عمّا إذا كان نتنياهو مستعدًا للتضحية بائتلافه من خلال الاعتماد على دعم المعارضة للمضي قدمًا في صفقته – لأسباب ليس أقلها أنّ تراجع دعم "الليكود" وخلافاته مع حلفائه السابقين يعني أن فرصه في تشكيل حكومة أخرى باتت ضئيلة.

لكن آخرين يجادلون بأنه إذا حصل على صفقة مواتية مع السعوديين، فيمكنه استخدام الزخم لفرض انتخابات مبكرة - والتي ستكون السادسة منذ عام 2019 - ومحاولة تمريرها من خلال "كنيست" جديد أكثر مرونة.

وتنقل "فايننشال تايمز" عن مستشار نتنياهو السابق "أفيف بوشينسكي" أنه إذا كان لدينا اتفاق سلام مع واحدةٍ من أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث المساحة ويبدو أن السلام أكثر دفئًا مما لدينا حاليًا مع مصر والأردن؛ حينها ستكون لدى نتنياهو أفضل فرصة للدعوة إلى انتخابات مبكرة وسيرفع يديه عاليًا".