23-يناير-2023
Getty Images

Getty Images

الترا فلسطين | ترجمة فريق التحرير

يومًا بعد آخر يتّسع نطاق الاحتجاجات على خطة "الإصلاحات القضائية" التي تمهّد لها الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو، ومعه ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتيش، ليشمل قطاع التقنية العالية "هايتك" الذي يساهم بشكل كبير في الناتج القومي الإجمالي. وإضافة لذلك، حذّرت كبرى شركات التصنيف الائتماني في العالم من عواقب خفضها لتقييم "إسرائيل"، بالتزامن مع تحفّظات أمريكية قابلها رئيس الحكومة الإسرائيلية بـ "تطمينات".

شركات في "إسرائيل" ستسمح لموظفيها بالإضراب والاحتجاج على "الإصلاحات القضائية" لبضع ساعات الثلاثاء المقبل، كما سيكون هناك إغلاق تحذيري في شركات التكنولوجيا الفائقة

وانضمت إلى الاحتجاج شركات التكنولوجيا الفائقة الكبيرة "الهايتك، والعديد من الشركات التي ستسمح لموظفيها بالإضراب والاحتجاج لبضع ساعات يوم الثلاثاء المقبل، كما سيكون هناك إغلاق تحذيري في شركات التكنولوجيا الفائقة، كما ستشارك الشركات في أعمال احتجاجية الخميس، ستنظم في أنحاء متفرقة في "إسرائيل".

وكتب باراك عيلام، الرئيس التنفيذي لشركة "NICE"، إلى موظّفيه: "نحن جزء من مجتمع أعمال يضم حوالي 400 ألف موظّف في إسرائيل، ومسؤول عن أكثر من نصف الصادرات. لا تحتكر "إسرائيل" الهايتك، ونحن نتنافس مع عشرات الدول في العالم. في الأسابيع القليلة الماضية، شهدنا عددًا من التحرّكات، إذا وصلوا في انقلابهم على القضاء إلى خط النهاية، ستكون نتيجة ذلك كارثية. مثل هذه العملية لا رجوع عنها، وسيكون من الصعب للغاية تصحيح التصوِّر عن إسرائيل في جميع أنحاء العالم. بدون قاطرة التكنولوجيا الفائقة، سينكشف الاقتصاد الإسرائيلي، وسيعاني من العواقب الوخيمة جميع مواطنيها".

مسؤول في شركة "S&P Global Ratings": التصنيف الائتماني لـ "إسرائيل" قد يتضرر بشكل كبير إذا تم إضعاف مؤسساتها الديمقراطية وعلى رأسها القضاء

وحذّر المسؤول الكبير في شركة التصنيف الائتماني العالمي "S&P Global Ratings"، مكسيم ريبنيكوف، في مقابلة أجرتها معه القناة 13 الإسرائيلية مساء الأحد، من أنّ التصنيف الائتماني لـ "إسرائيل" قد يتضرر بشكل كبير إذا تم إضعاف مؤسساتها الديمقراطية وعلى رأسها القضاء.

ومكسيم ريبنيكوف مسؤول في "S&P Global Ratings" عن تحليل الاقتصاد الإسرائيلي، وأي قرار يتخذه هو أو الشركة قد يكون له تأثير عميق على اقتصاد "إسرائيل". وقد يؤدي قرار من شركة بهذا الحجم على الفور إلى انتقال أموال المستثمرين الأجانب في "إسرائيل" إلى مكان آخر، وإلى انخفاض أسعار الأسهم، وزيادة مدفوعات الفائدة الحكومية على ديونها، ورحيل كبار رجال الأعمال الأجانب. ومن المتوقع أن يتم نشر التصنيف المقبل في شهر أيار/ مايو القادم.

وقال ريبنيكوف إن المستثمرين الأجانب قد لا يتمكنون من معرفة ما إذا كانت الأموال التي يستثمرونها في "إسرائيل" ستكون آمنة، لأنه لن يكون هناك عامل من شأنه لجم الإجراءات الحكومية للحفاظ على التوازنات، والكوابح الضرورية لأي نظام ديمقراطي، واستشهد ريبنيكوف بدول مثل المجر وبولندا حيث سببت الأنظمة إشكاليات ألحقت ضررًا بالوضع الاقتصادي لشعوبها.

ووفقًا للقناة 13 فإنّه ومنذ عام 2018، أبقت الشركة تصنيف "إسرائيل" مستقرًا عند مستوى عالٍ. وترى شركة التصنيف بالاستفادة من تجربتها أن مستوى الديمقراطية والإشراف من قبل السلطات الحكومية في الدولة يؤثر على حماية الحقوق الفردية وحقوق الملكية وطبيعة الاستثمارات بمرور الوقت.

وسردت القناة 13 العواقب المباشرة على جيوب الإسرائيلين في حال تم خفض التقييم الائتماني لـ "إسرائيل"، بالقول إنه "إذا غادر المستثمرون الأجانب إسرائيل، فإن المعنى المباشر هو عدد أقل من الوظائف وتسريح العمال، وإذا ارتفعت الفائدة على السندات التي تجندها الحكومة بعد هذا التحذير، فهذا يعني أنه سيتم تخصيص جزء أكبر من الميزانية العامة لسداد الديون. أي بحسب تقديرات الخبراء، قد يكون للإصلاحات القانونية أو الانقلاب القانوني، ثمن اقتصادي باهظ". ورغم ذلك، أشارت القناة إلى أنّ نتنياهو الذي تولّى سابقًا وزارة المالية، معروف عنه أنه يولي أهمية كبيرة للمجال الاقتصادي، ويتعامل مع الأمر بحساسية كبرى، ولقد أجرى محادثات مع كبار المسؤولين حول هذا الموضوع مؤخرًا.

الأمريكيون بعثوا برسالة قوية لـ "إسرائيل" بشأن "الإصلاحات القضائية"، فيما بعث بنيامين نتنياهو، بـ "رسائل طمأنة" لمستشار الأمن القومي الأمريكي

وكشفت القناة 12 الإسرائيلية في نشرتها الإخبارية الرئيسية مساء الأحد، أن الأمريكيين بعثوا برسالة قوية لـ "إسرائيل" بشأن "الإصلاحات القضائية"، فيما بعث بنيامين نتنياهو، بـ "رسائل طمأنة" لمستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان الذي زار تل أبيب قبل أيام، على نحو يتناقض بشكل صارخ مع ما قاله لشركائه في الائتلاف الحكومي.

وأشارت القناة إلى أنّ بنيامين نتنياهو استضاف جيك سوليفان في مكتبه بالقدس، الخميس الماضي. وقال سوليفان لنتنياهو إنّ الجمهور الليبرالي الديمقراطي في أمريكا، ونحن كإدارة، غير راضين عن الاتجاه الذي تسلكه (الحكومة) فيما يتعلق بالإصلاحات القانونية، وإذا تضمّن هذا المشروع انتهاكًا للقيم الديمقراطية، سيصعب علينا تقديم دعم لا يتزعزع وغير مشروط لإسرائيل".

وبحسب القناة 12 فإن نتنياهو حاول تهدئة سوليفان بالقول: "طالما الأمور تمضي وفقًا لمشيئتي، فإن الإصلاحات القضائية سيتم تمريرها بعد التوصّل لتفاهمات واسعة، ولن يتم تمريرها على النحو الذي يجري عرضه الآن في وسائل الإعلام، والسجال الدائر حاليًا".

وأشارت القناة إلى أن نتنياهو صرّح خلال اجتماعات حكومته والكتل البرلمانية المشاركة في ائتلافه الحاكم بما يتناقض مع الالتزام الذي قطعه على نفسه أمام سوليفان. حيث أعرب في اجتماع الحكومة قبل أسبوعين عن دعمه العلني لـ "خطة الإصلاحات القضائية" التي طرحها وزير القضاء يريف ليفين بالقول: "الادّعاء بأن الإصلاحات القانونية تشكّل نهاية الديمقراطية يفتقر إلى أي أساس، بل إنها تمثل إرادة الناخب". 

وبيّنت أنّ التقديرات تشير إلى أن نتنياهو غير قلق حتى الآن بشأن هذه القضية، ولكن إذا تحققت التوقعات السلبية فلن يكون أمامه من خيار سوى التدخل بعمق لمنع الإضرار بالاقتصاد، فوقوع ضرر اقتصادي بهذا الحجم يعني انخفاضًا في شعبية الحكومة ورئيسها.

ويصف المعارضون "الإصلاحات القضائية" في "إسرائيل" بأنها "انقلاب على القضاء والمؤسسات الديمقراطية"، وبأنها تقوم على "تجريد المحكمة العليا من أهم صلاحيتها" والمتمثلة في أن بإمكانها إلغاء أي قانون يشرّعه الكنيست حال ثبت أنّه يتعارض مع قوانين الأساس (البديلة عن الدستور في إسرائيل).

وتواظب أحزاب اليمين الائتلافي الذي يمسك بسدة الحكم في "إسرائيل" على توجيه الانتقادات  للمنظومة القضائية الحالية بشكل عام، والمحكمة العليا بشكل خاص، ويتطلّعون إلى تعيين قضاة "يتدخلون بدرجةٍ أقل في أعمال الحكومة والكنيست". وبحسب "الإصلاحات" المقترحة سيتم تغيير لجنة اختيار القضاة في المحكمة العليا بحيث يكون للسياسيين أغلبية في اللجنة، مقارنةً بالوضع الحالي حيث يملك فيه الساسة 4 أعضاء من 9".