14-نوفمبر-2019

داخل معصرته البسيطة، يتنقل أحمد داوود جبور بين آلات المعصرة لمساعدة أبناء القدس الوافدين لعصر الزيتون، في ظل انعدام الخيارات البديلة نتيجة إجراءات بلدية الاحتلال التضييقية على إنشاء هذه المعاصر. "صارلي 36 ساعة بدون نوم، ليل نهار موجود هون بالمعصرة لأنها مسؤوليتي" يقول جبور.

هذه المعصرة أُقيمت قبل 15 عامًا لتخدم أهالي القدس والقرى المجاورة لها بعد بناء جدار الفصل العنصري

في حي وادي الحمص ببلدة صور باهر جنوب القدس المحتلة، تقف المعصرة الوحيدة في مدينة القدس، ما جعلها موطىء الساعين لعصر الزيتون من قرى وبلدات القدس، ومحط أنظار السائحين والزوار.

هذه المعصرة أُقيمت قبل 15 عامًا لتخدم أهالي القدس والقرى المجاورة لها بعد بناء جدار الفصل العنصري الذي جعل الوصول إلى معاصر بيت جالا ورام الله صعبًا ومُتعبًا على أهالي القدس.

يقول جبور: "أنا عملت هالمعصرة في 2004، ومن هاليوم صارت هاي المعصرة منفعة أهل القدس لأنه مافي معاصر داخل الجدار، بس هي المعصرة الوحيدة هون، لأنها موجودة بمنطقة وادي الحمص وهي تابعة للحكم المحلي الفلسطيني".

وداخل المعصرة يصطف الأهالي وبأياديهم وعلى أكتافهم أكياس كبيرة من الزيتون الأخضر والأسود وهم ينتظرون دورهم للعصر الذي يمر بعدة مراحل، أولها تفريغ الأكياس وآخرها تعبئة الزيت.

"أول اشي الزيتون بتوزن ليدخل بمرحلة الغسيل، عن طريق آلة لتنظيفه وغسله من الأتربة والأوساخ، وبعدها ينقل إلى آلة لطحنه، لتبدأ المرحلة المفصلية بعصر الزيتون وهي فصل الماء عن الزيت من خلال عملية الطرد المركزي". خلال هذه العملية يفصل الزيت عن الماء والجفت، ليصفى الزيت بشكل كامل من الماء وينقل بواسطة أنبوب لتعبئته بعبوات مخصصة لحفظ الزيت.

والجفت هو مخلفات الزيتون، يتكون في أكوامٍ بجانب المعصرة بعد فصله عن الزيتون، ولكن معظمه يستفاد منه كطعام للحيوانات، ويُجفف ويوضع مع الورود والأزهار، أو يستخدمه الناس لنظام التدفئة بالحطب.

يُبين جبور، أن عوامل عديدة تساعد في الحصول على زيتٍ نظيفٍ ومميز، أهمها التأكد من خلو الزيتون من أوراق الشجر، فهي تزيد نسبة حموضة الزيت. هذا إضافة لعدم تعرض الزيتون لأشعة الشمس والحرارة الحرارة، والأهم هو اختيار الوقت المناسب للقطف.

"كل ما اقتربنا من الأقصى بكون الزيت أنقى، أنا لما أعصر زيتون المسجد الأقصى بكون صافي ونقي وكله نور".

ويضيف، "أكبر مشكلة بتواجهنا هي عدم وعي المزارعين بالزيت والزيتون، خاصة بوقت القطف المناسب، الأغلب بقطفه بشهر 10 وهذا بكون سيء لموسم الزيت، الأفضل تأخير القطف وبالذات هذا العام لأن المطر تأخر".

ويوضح جبور، أن زيتون فلسطين عدة أنواع هي "الشامي، البلدي، الفرنجي، الرّماني"، ويختلف موعد قطف كل نوع عن الآخر، كما تتأثر جودة الزيت وحموضته كثيرًا بموعد القطف.

ويرى أن أفضل وقتٍ للقطف يبدأ بتاريخ 10 تشرين الثاني/نوفمبر، وحتى نهاية الشهر ذاته أو نهاية شهر كانون الأول. يتابع، "لو المزارعين يأخروا القطف طعم الزيت يكون أطيب".

ويعتقد جبور، أن أفضل زيت في العالم هو الزيت الفلسطيني، وأفضل زيت في فلسطين هو زيت القدس، "لأن تربة القدس مؤهلة لزراعة الزيتون وأراضيها خصبة، ومناخها يلائم نموه"، مضيفًا، "كل ما اقتربنا من الأقصى بكون الزيت أنقى، أنا لما أعصر زيتون المسجد الأقصى بكون صافي ونقي وكله نور".

ويضيف، قرية الطور وجبل الزيتون في القدس من أفضل الزيتون في العالم. "هي اسمها جبل الزيتون، لأنه كل أراضيها زيتون وتربته بتلائم ما يحتاجه الزيتون للنمو".

يُذكر أن حي واد الحمص يتبع للسلطة الفلسطينية وبعض مناطقه مصنفة "أ" وفق اتفاق أوسلو، لكنه يقع داخل جدار الفصل العنصري. وفي شهر تموز/يوليو، دمّر جيش الاحتلال 11 بناية سكنية في هذا الحي.


اقرأ/ي أيضًا: 

معصرة أحمد عيسى.. قرن ونيف من الحب

صور | البدادة.. ما تبقى من الزيتون

أهالي عانين يعانون: قطف الزيتون بتوقيت جنود الاحتلال