04-أبريل-2018

شاب ومسن في مخيمات العودة - عدسة علي جادالله (Getty)

يستخدم متظاهرون قرب السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948، أدوات بسيطة لتشتيت قناصة الاحتلال، ومنعهم من استهداف المتظاهرين المشاركين في مسيرات العودة الكبرى بدقّة وإيقاع إصابات كبيرة بينهم، وهي أدوات متوفرة في المنازل، يُعدّونها يدويًا، في إطار الدعوات المتواصلة إلى الحفاظ على الطابع السلمي لـ مسيرات العودة.

ومع اقتراب إتمام الأسبوع الأول من انطلاق المسيرات، بلغ عدد ضحايا قمع الاحتلال للمسيرات 17 شهيدًا، وأكثر من 1500 جريحًا، واستهدف القناصة بشكل واضح الأطراف السفلية من أجساد المتظاهرين.

"الكوشوك" الياباني

"الكوشوك"، وهو إطارات السيارات، أحد أهم الأدوات المستخدمة منذ الانتفاضة الأولى ولغاية اليوم، لكن المتظاهرين يقصدون هذه المرة استخدام إطارات من أنواع "هانكوك" اليابانية تحديدًا؛ الكبيرة أو الصغيرة، لأنها تُحدث دخانًا أسود داكنًا يحجب الرؤية عن جنود الاحتلال للمتظاهرين، ويتيح إلقاء الحجارة من خلفه لتفادي الإصابات.

إطارات يابانية يُحرقها المتظاهرون في مسيرات العودة لتشتيت قناصة الاحتلال، لكن هذا دفع القناصة لإطلاق الرصاص عشوائيًا

يجمَعُ المتظاهرون هذه الإطارات من مكبات النفايات الضخمة، أو بالقرب من محلات بيع إطارات السيارات، وينقلونها منذ أيام إلى المناطق المحاذية للسياج الفاصل، بعد أن أطلقوا تسمية "جمعة الكوشوك" على مظاهرات الجمعة المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا: #جمعة_الكوشوك.. جدل حول السلمية

خليل السكاكيني (23 عامًا) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، يجمع الإطارات مع أصدقائه يوميًا، وينقلها إلى نقاط التماس عبر عربة يجرها حصان، لكنه يلاحظ أن جنود الاحتلال يعمدون إطلاق النار على كل من يشعل إطارًا بالقرب من السياج الفاصل، ولذلك فهو يشعل الإطار قبل الاقتراب من مرمى نيران الجنود، ثم يدحرجه باتجاه السياج الفاصل.

[[{"fid":"71277","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":400,"width":600,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

وأحدث هذا النشاط جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ رأى مُنتقدون لإشعال الإطارات أنها تمس بسلمية المظاهرات، ومن شأنها أن تزيد من استفزاز جنود الاحتلال وتدفعهم إلى إطلاق الرصاص عشوائيًا، وبالتالي إسقاط عدد كبير من الجرحى والشهداء.

إبطال قنابل الغاز

تُلحق قنابل الغاز المسيل للدموع ضررًا كبيرًا بالمتظاهرين عند الحدود، وتحديدًا بعد أن قرر جيش الاحتلال إطلاقها بكثافة شديدة من طائرات بدون طيار تُحلق فوق رؤوس المتظاهرين. ولمواجهة ذلك، يُعد أيمن حجاج (29 عامًا) من حي الشجاعية مع أصدقائه مادتين توضعان في قوارير بلاستيكية، يضعها الشخص على حزامه الوسطي. الخلطة الأولى لتعطيل مفعول القنابل عندما تُقذف على المتظاهرين، وذلك برش المادة على القنبلة وإبطال مفعولها، وهي عبارة عن ماء وعصير من الخل الطبيعي والليمون المركز.

يُعد المتظاهرون في مسيرات العودة مادتين يدويًا، إحداهما تُبطل مفعول قنابل الغاز، والأخرى تزيل آثارها عن المصاب

أما المادة الثانية، فتوضع على الوجه لإبطال مفعول مادتها الحارقة، وتزيل آثار الغاز، وهي مكونة من الماء وعصير البصل وقليل من خل التفاح الطبيعي، يُمسح الوجه بها فتعيد له عافيته.

اقرأ/ي أيضًا: "طفل البصل".. أيقونة أخرى لـ مسيرات العودة

يبين أيمن، أن هناك من يخلطون المادتين المركزتين في سطل مياه، لتتيح إبطال مفعول أكبر عدد من قنابل الغاز، فتحمي أكبر عدد من المتظاهرين قرب السياج الفاصل.

[[{"fid":"71278","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":399,"width":600,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

[[{"fid":"71279","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"4":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":376,"width":600,"class":"media-element file-default","data-delta":"4"}}]]

صافرات إنذار

يجلب متظاهرون مكبرات صوت إلى مناطق المواجهات، ويُشغّلون تسجيلات صوتية لصافرات الإنذار. يقول خالد أبو نضال (20 عامًا) من حي الشجاعية، إن هذه الطريقة هي الأكثر قدرة على استفزاز جيش الاحتلال، ومن يشغلون مكبرات الصوت يبتعدون عن السياج الفاصل، ويحاولون التخفي قدر الإمكان، ليبتعدوا عن نيران القناصة.

ويضيف أن هذه أدوات مقاومة وقائية لأسلحة الاحتلال التي لا بد أن يستخدمها الجنود، رغم سلمية المظاهرة، مؤكدًا أن المتظاهرين يبتكرون يوميًا وسائل وقائية يجدها جنود الاحتلال مستفزة.

مرايا

إن كان إطلاق صافرات الإنذار يستفز جنود الاحتلال، ودخان الإطارات يدفعهم إلى إطلاق الرصاص عشوائيًا، فإن المرايا يجدها متظاهرون الوسيلة الأكثر جدوى في تشتيت القناصة، ومنعهم من إصابة أهدافهم بدقة، ولذلك فهي الأكثر استخدامًا في مناطق التماس، والمرايا المستخدمة هنا ذات أحجام مختلفة.

[[{"fid":"71280","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"5":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":425,"width":594,"class":"media-element file-default","data-delta":"5"}}]]

يجمَعُ متظاهرون الزجاج الكبير المكسّر من المنطقة الصناعية شرق مدينة غزة، ويلصقونه مستخدمين لاصقًا شفافًا داكنًا لعكس الأشعة عن بعد.

المرايا أكثر وسائل تشتيت قناصة الاحتلال جدوى، لكنها لا تُستخدم إلا بين العصر والظهر

يقول محمد المنفلوطي (25 عامًا) من مخيم البريج، إن الشبان يبتعدون لمسافات كبيرة عند استخدام هذه المرايا، حتى لا تلتقط عدسات كاميرات الاحتلال صورًا لهم، وهذه الكاميرات حاضرة بقوة خلال المواجهات، وكذلك للحيلولة دون التعرف على مصدر الانعكاس، لكن هذه الوسيلة تُستخدم فقط بين الظهر والعصر، نظرًا لعمودية أشعة الشمس.

[[{"fid":"71281","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"6":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":367,"width":594,"class":"media-element file-default","data-delta":"6"}}]]

وقاية الاستخدام

أدخل جيش الاحتلال خلال السنوات الأخيرة إلى مناطق المواجهات وحدة خاصة بتصوير المتظاهرين. تحدثت مصادر إسرائيلية عن دورٍ كبيرٍ لهذه الوحدة في الضفة، وهي تنشط أيضًا في إطار مسيرات العودة. يعتقد متظاهرون أن الصور التي يتم التقاطها للمتظاهرين تذهب مباشرة إلى الأذرع الاستخباراتية في جيش الاحتلال، ويُمكن من خلالها التعرف على هويات المتظاهرين وتعمد استهدافهم لاحقًا.

[[{"fid":"71276","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":400,"width":533,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

هذه الكاميرات، رفعت مستوى الدعوات إلى الحذر من قبل المتظاهرين الذين يذهبون لنقاط التماس، تأكيدًا على ضرورة عدم ارتداء أي علامات مميزة من ساعات أو ألبسة، وارتداء الألبسة التي تحمل ألوانًا داكنة، وارتداء اللثام أيضًا، على غرار ما يفعل المتظاهرون في نقاط المواجهات بالضفة الغربية.

اقرأ/ي أيضًا: كتيبة إسرائيلية للتصوير فقط

ويسعى جيش الاحتلال وإعلامه إلى نزع صفة السلمية عن مسيرات العودة الكبرى، وذلك من خلال الترويج لمشاركة مقاتلين في فصائل المقاومة في هذه المسيرات، لتبرير قتل 15 متظاهرًا في يوم واحد، وهو ما لقي انتقادات دولية بسببه، باعتباره يستخدم العنف والقوة المفرطة في التعامل مع متظاهرين لا يشكلون خطرًا على جنود الاحتلال.

يشار إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية حمّلت قادة الاحتلال مسؤولية العدد الكبير في الضحايا بين المتظاهرين في قطاع غزة، وقالت إن ذلك نتج عن الأوامر الصادرة منهم باستخدام الذخيرة الحية حتى ضد من لا يشكلون تهديدًا لحياتهم، وبسبب سياسة الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة القائمة منذ وقت طويل داخل جيش الاحتلال.


اقرأ/ي أيضًا:

مسيرات العودة: مشاهد لا تُنسى.. صور وفيديو

ماذا قال فنان البحر لصديقه قبل أن يستشهد

حكاية محمد النجار.. حتى لا يبرد في ثلاجة الموتى