تقضي "خلود محمد" أكثر من أربع ساعات متفرقة، متجولة على صفحات موقع "فيسبوك"، تلتقط أي مسابقة تعلن عنها الصفحات التجارية من محال ملابس، ومنتجات غذائية، وأدوات منزلية، ومطاعم ومقاهي، وألعاب أطفال، مستخدمة حسابها الذي يحمل الاسم المستعار المذكور، ولها عليه أكثر من 2500 صديق، إضافة لحسابين آخرين أنشأتهما لذات الغرض.
في السنوات الأخيرة، نشط الترويج التجاري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال عرض المنتجات على اختلاف أنواعها، إضافة للإعلان الممول، قبل أن تدخل إلى هذا السوق مؤخرًا مسابقات تفاعلية تجذب أكبر عدد من المشاركين.
المسابقات الترويجية على فيسبوك أصبحت أكثر جدوى من الإعلانات الممولة، وهناك من يعتاش عليها في فلسطين
وفي هذه المسابقات، يدعو أصحاب الصفحات المعلنة المتابعين إلى مشاركة المنشورات، أو التعليق، أو الإشارة لأصدقاء آخرين، من أجل دخول السحب على هدية ما يُحدد أصحاب الصفحة نوعها. وبمتابعة هذا النوع من المسابقات؛ فإنه يُلاحظ تفاعل كبير عليها من خلال التعليقات والمشاركات، تصل في كثير من الأحيان إلى عشرات آلاف التفاعلات، ما جعل هذا النوع من الترويج أكثر جدوى من الإعلانات الممولة في كثير من الأحيان.
اقرأ/ي أيضًا: سوشلجيات فلسطينيات.. هل سمعت بهن؟
بدأت "خلود" مشاركتها منذ ثلاث سنوات، ومن اللحظة الأولى قررت أن يكون حضورها قوياً لتستفيد بشكل عملي من الهدايا المقدمة. تقول: "مشاركتي تعتمد على مدى حاجتي للهدية المعلن عنها، أفضل الهدايا ذات القيمة المادية المرتفعة، والتي لا أستطيع شراءها، وأركز على مستلزمات البيت والعائلة".
وتذهب خلود إلى أبعد من ذلك، وتقر أنها تعتبر مشاركتها عملاً رسميًا تسترزق منه وتسد حاجة منزلها وتساعد زوجها، موضحة أن قيمة أرباحها شهرياً لا تقل عن 800 شيكل، وفي عديد المرات ربحت أضعاف قيمة هذا المبلغ بهدية واحدة فقط، ما أوصلها لمرحلة الاعتماد الكلي على ما تربحه من تفاعلها ونشاطها على هذه الصفحات.
والاعتماد على هذه المسابقات في دخل العائلات لا يقتصر على "خلود" وحدها، بل إن "سميرة" – اسم مستعار - تعيل أسرتها أيضًا من أرباح مشاركتها لهذه المسابقات. تقول: "لا أفرط بساعات تواجدي اليومي لأثبت تفاعلي على الصفحات التجارية، ولو كنت في زيارة لأحدهم أو في أي مكان، أخبر الآخرين أن يمنحوني الوقت لأنجز عملي، أنا لا أستطيع التخلي عن هذا النشاط، فرغم أنه مرهق لكن نتائجه إيجابية".
النساء هن الأكثر نشاطًا في المسابقات الترويجية على "فيسبوك"، وتحقيق أرباح من خلال ذلك يحتاج إلى "الصبر والوقت والخبرة والالتزام بالشروط"
ولم تصل "سميرة" إلى مراحل متقدمة من الحصول على أرباح كبيرة بسهولة، "فسر المهنة" يكمن في تطبيق شروط الإعلان بحذافيره، كما أنها تعتمد على التعليقات التي تلفت انتباه المُعلن، من خلال مدح المنتج بشكل مبالغ فيه، وتكرار التعليق بصيغ أخرى، مؤكدة أنها تقضي أيامًا وهي تتفاعل مع مسابقة واحدة عبر دعوة الأصدقاء وغيره.
اقرأ/ي أيضًا: شركات خاصة لاستغلال الفتيات في الضفة
وتشير إلى أنها تتعامل بحذر مع خيار مشاركة المسابقة، كأنها لا تريد أن تفشي سرًا، وتقول: "أتركه للحظات الأخيرة، هذا عامل مهم للفوز".
أما "نور أحمد" فدخلت عالم المسابقات الترويجية منذ أشهر قليلة، تقول إن الأمر ليس بالسهل ولا الميسر، "عليكَ أن تكون صبورًا ولديك فائض من الوقت لتقضيه أمام الشاشة لدعوة الأصدقاء وغيره". تضيف نور أنها ربحت مرة واحدة فقط من عشرات المسابقات التي شاركت فيها، وتعزو السبب إلى أنها تحتاج لخبرة أكبر للمنافسة، وكون السيدات اللواتي وصفتهن "بالمخضرمات" يسيطرن على سوق المسابقات أولاَ بأول.
ولا يخلو هذا المجال من الاحتيال وفق سيدة تنشط فيه، مستخدمة حسابًا وهميًا باسم "شموخي قاهرهم". توضح أن أشكال الاحتيال مختلفة، ومنها تقديم الهدايا – خاصة القيّمة منها – مثل الذهب والمبالغ العينية لحسابات وهمية، أو تقديم هدية غير معلن عنها بمواصفات أقل جودة، أو عدم الرد على الرابحين بعد إعلان أسمائهم، لكنها تشير في الوقت ذاته إلى أن هذه الحالات نادرة الحدوث.
لا تخلو المسابقات الترويجية من الاحتيال، فالهدايا القيّمة قد تذهب لحسابات وهمية، أو قد تكون مواصفاتها أقل جودة مما أُعلن عنه
المدير التسويقي في شركة "MAVI" للحلول التسويقية، محمد الأطرش تحدث لـ"الترا فلسطين" موضحًا أن أصحاب الشركات والمؤسسات والمحال التجارية باتوا يعتمدون بشكل كبير على ترويج منتجات محلاتهم من خلال أسلوب المسابقات، باعتباره محط إغراء للمستهلك، وقد بدأت بعض هذه المحلات في التخلي تدريجيًا عن الإعلان المباشر والتقليدي.
ويؤكد الأطرش، أن زيادة نسبة التفاعل على المنشورات المخصصة للمسابقات ينعكس بشكل واضح على حجم المبيعات داخل المحال أو الشركة، وما يزيد فرصة تحقيق هدف هذا الشكل من الترويج هو مصداقية صاحب المنتج.
وأشار الأطرش إلى أنه ومن خلال إدارة شركته لأكثر من 40 صفحة، وإشرافها بشكل مباشر على نظام المسابقات، فإن الملاحظة الأبرز على طبيعية المشتركين في المسابقات تُظهر وجود عدد محدد من المشتركات الفاعلات بصورة قوية، إما من خلال التعليق، أو إرسال الرسائل الخاصة التي تعبر عن رغبتهن الملحة بالربح بأي شكل من الأشكال، مؤكدًا أن هناك من "يسترزق" من خلال الحصول على الهدايا المقدمة.
اقرأ/ي أيضًا:
موال كل شتاء: أمطار وثلوج حبيسة صفحات فيسبوك