01-يونيو-2017

تحول سرير الطفل عدي الهنا (10 سنوات) إلى صف مدرسي، تغلبت فيه الكُتُب والدفاتر على أدوات وعقاقير العلاج من مرض سرطان الدم، فتبدل خوفه من ضياع عامه الدراسي فرحًا، كحال عدد آخر من الأطفال الذين يدرسون على أسرّة المرض في غزة.

مؤسسة "بسمة أمل" لرعاية مرضى السرطان، أقامت "صف التعليم المساند" داخل مستشفى الرنيتسي للأورام بمدينة غزّة، منذ بداية العام الدراسي الحالي، كي يُتاح للأطفال لاحقًا الالتحاق بمدارسهم بشكل اعتيادي والاندماج فيها دون معوّقات، بعد شفائهم المأمول.

أطفال مصابون بالسرطان في غزة يدرسون على أسرّة المستشفيات ويقدمون امتحاناتهم عليها

عدي الهنا يدرس في الصف الرابع الابتدائي، يتابع دروسه من سريره داخل المستشفى كما لو كان إلى جانب زملائه على مقاعد الدراسة. حتى اللحظة، لا يبدو واضحًا موعد عودة عدي لصحبة زملائه، لكن إقباله على الدراسة لا يضعف أو يفتر.

اقرأ/ي أيضًا: أطفال مرضى بالسرطان يجمعهم فريق كرة قدم

ويعمل طاقم من المدرسين المتخصصين بواقع خمسة أيام أسبوعيًا، وبمعدل ساعتين يوميًا، لتأهيل الأطفال المرضى، لتلقي التعليم ومتابعة دروسهم المنهجية، وفق منهاج المدارس النظامية.

وتؤكد صابرين إسماعيل المعلمة في "صف التعليم المساند" أن عدي يُظهر ذكاءً حادًا في دراسته، ويتجاوب مع تعليمه بشكل جيد رغم مرضه.

وتشير المعلمة صابرين إلى أنها وزملاءها يزورون الطلاب الذين يضطرون إلى البقاء في أسرة المستشفى لأربعة أسابيع متواصلة، مبينة، أن الأطفال يبدون حماسة كبيرة للتعلم رغم مرضهم، ما يجعلها تأمل بشدة أن ينجح المشروع في الوصول بالأطفال إلى بر الأمان.

تقول صابرين: "المدرسة لا تكون عادة مرتبطة بالمرح لدى التلاميذ العاديين، لكن التلاميذ المرضى يستمتعون بالتعلّم بل ويشتاقون إليه، لأن ذلك يُشعرهم بأن لهم حياة وروتينًا يوميًا، وهذا هو أكثر ما يمتعهم في التعلّم".

وترى أن بعث الحماسة والتفاؤل في نفوس الأطفال المرضى ليس سهلاً، خاصة عندما يحتل الخوف من المرض أفكارهم، "ولذلك فإن التعليم في المستشفى يُخرجهم من أحزانهم ويجعلهم أكثر وعيًا وتقبلاً لمرضهم".

لكن هذه الحماسة لا تكفي دائمًا لإنجاح مهمة المعلم مع طالبه، فبعض الأطفال يجعلهم المرض غير قادرين على حمل أقلامهم. تشير المعلمة صابرين إلى أن مهمتهم في هذه الحالات تتمثل في إبقاء الطالب مقبلاً على تعليمه، دون مطالبته بتقديم أداء متميز أثناء التعلم.

وإلى جانب المناهج المدرسية، يحظى الطلاب بعروضٍ تهريجية وبهلوانية، يقدمها عدد من المهرجين الطبيين المؤهلين كوسيلة ترفيهية للأطفال المرضى، ولتخفيف آلامهم عنهم.

الطفل عبد الرحمن أبو حمادة (12 عاما) مصاب بضعف في المناعة، ويتلقى دروسه داخل المستشفى. يعلّق آمالاً كبيرة على الدراسة بهذه الطريقة في متابعة دراسته ومنع طرده من مدرسته.

وأُتيح للأطفال المرضى تقديم امتحانات نهاية العام الدراسي داخل مستشفى عبد العزيز الرنتيسي.

يؤكد سامي الجوجو المنسق العام لمؤسسة "بسمة أمل" المشرفة على مشروع "صف الأمل المساند"، أن الهدف منه تمكين الطفل المريض من مواصلة تحصيله العلمي في المستشفى أو المنزل، وتوفير بيئة تعليمية إيجابية له وإفساح المجال أمامه للإبداع، أسوة بأنداده من الطلبة الأصحاء.

ويوضح الجوجو، أن مواعيد الحصص الدراسية التي تقدم للأطفال المرضى تُحدد بالتنسيق بين أخصائيين اجتماعيين، والمدرسين، والأطباء المشرفين على علاج الأطفال، بعد تحديد الأوقات المناسبة لكل طفل، بما يتناسب مع حالته الصحية، ولا يتعارض مع مواعيد علاجه.

ويوفر "صف التعليم المساند"، حسب القائمين عليه، حياة مدرسية مستمرة للأطفال، رغم تغيير المرض لحياتهم بشكل كبير. ويجد إقبالاً حتى من الأطفال الذين أدركوا أن مرضهم خطير ويهدد حياتهم، إذ يواصل هؤلاء دراستهم آملين بمستقبل واعد.


اقرأ/ي أيضًا: 

سرطان الثدي قد يعني الطلاق بغزة

نفايات "ديمونا".. قاتل صامت في الخليل

العريس سليم والعروس ذات إعاقة.. معقول؟