بلغت قيمة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد خلال العام 2023، نحو 1.5 مليار دولار، من بين شيكات متداولة قيمتها 24 مليار دولار. وبحسب بيانات سلطة النقد فإنّ نسبة الشيكات المعادة ارتفعت بعد أكتوبر الماضي، وهو ما أرجعه خبراء للظروف الاقصادية الصعبة التي طرأت مع العدوان الإسرائيلي المستمرّ.
مع اندلاع الحرب على غزة طرأ "ارتفاع طفيف" في نسبة الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد
وقالت سلطة النقد في تقرير لها، إنه تم إعادة صرف ما قيمته 532 مليون دولار من إجمالي قيمة الشيكات المعادة خلال العام الماضي، وذلك بإعادة الإيداع في الحساب، أو من خلال التسويات الرضائية، وهو ما يعني أن نسبة الشيكات المعادة التي لا يتوفر بيانات بشأن آلية تسويتها بلغت العام الماضي قرابة مليار دولار، أي 4 في المئة من إجمالي قيمة الشيكات المتداولة.
وأكدت سلطة النقد أن نسبة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد سجلت ارتفاعًا "طفيفًا" خلال الربع الأخير من العام الماضي، بسبب التبعات الاقتصادية للحرب، دون أن توضح ذلك بالأرقام، لكنها أكدت بأن قرارها الإبقاء على نظام مقاصة الشيكات دون تغيير حال دون تفاقم الظاهرة، وأتاح تداول السيولة المتوفرة في شرايين الاقتصاد.
ومقارنة مع العام 2022، لم تشهد البيانات تغييرًا لافتًا، إذ سجلت قيمة الشيكات المتداولة في حينه 23.6 مليار دولار، وبلغت قيمة المعادة لعدم كفاية الرصيد 1.5 مليار دولار. وفي العام 2021، بلغ إجمالي قيمة الشيكات المتداولة 21.4 مليار دولار، أُعيد منها لعدم كفاية الرصيد 1.5 مليار دولار.
3 أسباب ساهمت في رجوع الشيكات
المختصّ في الشأن الاقتصادي محمد سلامة اعتبر أن قيمة الشيكات المعادة خلال العام الأخير (1.5 مليار دولار) أمر طبيعي نظرًا للوضع الاقتصادي الحالي، في هذه الظروف الاستثنائية، حيث ترتفع قيمة الشيكات المعادة في الحرب، بالتوازي مع صعوبات في السداد.
وأجمل سلامة الأسباب التي أحدثت ارتفاعًا في الشيكات المعادة، ومنها عدم انتظام صرف رواتب الموظفين، وتعطل العمال الفلسطينيين الذين يعملون داخل الخط الأخضر، ما أدى لتراجع التدفقات النقدية في الاقتصاد ككل.
علاء الأسمر صاحب محلات سوبر ماركت وشركة توزيع بضاعة بالجملة، قال لـ"الترا فلسطين"، إن حجم وقيمة الشيكات المعادة تفوق هذه الأرقام وهي غير مسبوقة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وأفاد أن نحو 1.2 مليون شيقل هي قيمة الشيكات المعادة من زبائن له، ولا يوجد إي إمكانية لسدادها، قائلًا: "كل من أطالبه بالسداد يقول لي اذهب إلى المحكمة، أو افعل ما تريد، فأنا لا أملك المال الآن".
وأوضح أن سبب رجوع الشيكات بهذا الحجم، توقف صرف رواتب السلطة وبطالة العمال في الداخل، وبالتالي صار العبء الأكبر على العاملين في القطاع الخاص كي يقدموا إعانة ومساعدة لأقاربهم، لذا صار الجميع في ضائقة مالية، ولم يعودوا قادرين على سداد الشيكات. وأشار إلى أن الأثر المادي بدأ على المواطن العادي، وانتقل للتجار الأصغر، ومن ثم على الشركات الكبرى، التي ردت على ذلك برفع قيمة الأسعار ومطالبة التجار بالدفع نقدًا، وهو ما أدى لتفاقم الأزمة.
أحد أكبر تجار السيارات في محافظة رام الله والبيرة قال لـ"الترا فلسطين"، إن هناك تراجعًا كبيرًا في الإقبال على شراء السيارات، وأن 1.7 مليون دولار هي قيمة الشيكات التي أعادها زبائنه خلال الحرب.
وقال التاجر الذي رفض الإفصاح عن اسمه، إن هذا أمر طبيعي، وهذا ظرف يمر على الجميع، وفي النهاية سنُحصّل قيمة الشيكات، كما أن السيارات المباعة على الشيكات ما تزال مسجلة باسمه.
عامل آخر في مجال البناء، لم يتمكن من سداد شيكاته خلال الأشهر الماضية، قال لـ"الترا فلسطين"، إنه يعمل في مجال البلاط، والعمل تراجع بشكل كبير حاليًا.
وأضاف أن أصحاب ورش البناء والشركات كلهم أوقفوا العمل معهم حتى يحافظوا على السيولة التي لديهم للفترة القادمة، مؤكدًا أنه يعاني لأخذ مبالغ مالية من أصحاب الورش في نهاية الأسبوع، لا تكفيه حتى لسداد تكاليف عيشه وأسرته، كما أنه لا طاقة لديه لسداد قيمة الشيكات، التي وضعها على نفسه في فترة رغد العمل قبل الحرب.