31-أغسطس-2021

صورة أرشيفية - gettyimages

انتقد حقوقيون وسياسيُّون في أحاديث منفصلة لـ الترا فلسطين، سلوك الأجهزة الأمنية تجاه الوقفات الاحتجاجية خلال الشهور الأخيرة، حيث منعت إقامة وقفاتٍ احتجاجية، واعتدت على مظاهراتٍ بعد تنظيمها، بما يشمل استهداف الإعلاميين خلال تغطيتهم لهذه الفعاليات التي انطلقت بعد مقتل المعارض نزار بنات، ورغم إصدار الرئيس محمود عباس "مرسوم الحريات" في شهر شباط/فبراير.

 العاروري: السلطة في حالة ارتباك أعقبت مقتل نزار بنات، وهي حالة سائدة منذ انتهاء العدوان على غزة

خلال الأسبوع الأخير، منعت الشرطة الفلسطينية تنظيم ثلاث وقفات احتجاجية وسط رام الله تطالب بمحاسبة قتلة بنات وإطلاق الحريات، وتم خلالها اعتقال 35 ناشطًا وحقوقيًا وباحثًا، قبل أن يتم السماح بإقامة مسيرة دعت لها قوى داخل منظمة التحرير.

اقرأ/ي أيضًا: شهادات عن ظروف صعبة عايشها معتقلو تظاهرات رام الله

وبررت الشرطة الاعتقالات التي تمت في وقفة 22 آب/أغسطس "بعدم وجود تصريح من الجهات الرسمية بالتجمهر، ورفض نشطاء الحراك التوقيع على شروط التجمهر".

عصام العاروري، المفوض العام للهيئة المستقلة، رأى أن سلوك السلطة ناتجٌ عن حالة ارتباكٍ أعقبت مقتل نزار بنات، وهي حالة سائدة بشكل عام منذ انتهاء العدوان الأخير على قطاع غزة وإلغاء الانتخابات التشريعية.

وأوضح العاروري، أن هناك غيابًا في مركز اتخاذ القرار، فليس واضحًا إن كانت مسؤولية مجلس الوزراء أم مسؤولية وزير الداخلية بصفته مسؤولاً عن أجهزة الأمن، أم مسؤولية قيادة الشرطة، "ومن الواضح أن هناك خلل كبير في سلسلة القيادة والأوامر، بحيث يتم اتخاذ إجراءات متعارضة".

العاروري: من الواضح غياب مركز اتخاذ القرار،  في ظل غياب دور النيابة العامة في حماية الحقوق والحريات

وأضاف، أن هذا يجري في ظل غياب دور النيابة العامة في حماية الحقوق والحريات، وغياب منظومة المساءلة، بحيث تتكرر الانتهاكات بصورة نمطية في كل حدث كبير تشهده الأراضي الفلسطينية.

اقرأ/ي أيضًا: محاولة لتفسير ما يجري من قمع غير مسبوق‎‎

وأشار العاروري إلى "حادثة مجمع المحاكم" عام 2017، حيث كان هناك قرار من قبل مجلس الوزارء في تبني توصيات لجنة التحقيق حينها، "ولكن في الأحداث الأخيرة تم خرق كل التوصيات وبدون استثناء وارتكاب انتهاكات جديدة لم تكن في السابق، مما يشير إلى خلل كبير في منظومة المسائلة التي تسمح بتكرار مثل هذه الممارسات" وفق قوله.

وأكد، أن اعتقال النشطاء والأسرى المحررين والمثقفين والقيادات "ينم عن جهل متخذي القرارات، لأن اعتقال بعض الشخصيات أضر بمن اعتقل أكثر من اعتقل، وكانت السلطة كمن يطلق النار على أرجله" بحسب تعبيره.

وتعقيبًا على تبرير الشرطة، قال العاروري، إن الوقفة الأخيرة التي سمحت الشرطة بإقامتها تم التنسيق لها بإرسال إشعار للشرطة، وهو ذات الإجراء الذي تم عمله في الوقفات السابقة التي تم منعها، مبينًا أن هذه الوقفة سبقها إطلاق سراح كافة المعتقلين الموقوفين بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي في المؤسسات الرسمية، "وهذا يعني أنه كان هناك تغير في القرار السياسي بعدم التعرض للمظاهرات" وفق قوله.

عساف: السلطة تريد أن تهيء الأجواء للمفاوضات بقمع أي معارضة ممكنة لاحقًا لهذا السلوك السياسي

الناشط السياسي عمر عساف، أحد منظمي الاحتجاجات الأخيرة، اعتبر أن سلوك السلطة الفلسطينية "فيه نوعٌ من التخبط وعدم التوازن خلال الشهرين الأخيرين، بدءًا من اغتيال نزار بنات؛ وبغض النظر عن محاولات التبرير"، معتبرًا أن السلطة "لم تتصرف تجاه هذه القضية بمسؤولية، وكذلك في قضية اللقاحات".

اقرأ/ي أيضًا: عن السلطة الفلسطينية والقتل بالوكالة

ورأى عساف في حديث، أن السلطة بسلوكها منذ شهرين تحاول قمع أي أصوات يمكن أن تتعارض وسياستها، "لأن لديها توجهات سياسية، وربما كان لقاء وزير جيش الاحتلال غانتس يشير إلى هذه التوجهات، وبأن السلطة تريد العودة للمفاوضات، حيث لا يريد الرئيس أبو مازن شراكة مع أحد وفق ما كشف في الرسالة الأخيرة لمنيب المصري، ويريد أن يتوجه نحو المفاوضات مرة أخرى، وهي مفاوضات بائسة" بحسب تعبيره.

واعتبر، أن السلطة تريد أن تحضر الأجواء للمفاوضات بقمع أي معارضة ممكنة لاحقًا لهذا السلوك السياسي.

بدوره، يؤكد حسن خريشة، النائب السابق في المجلس التشريعي، أن هناك "تغولاً حقيقيًا" على الحريات العامة، وتحديدًا الحق في التجمع والتظاهر، "وهذا يفتح المجال للخوف على مستقبل الحريات العامة في فلسطين، وعلى الدور الوظيفي للأجهزة الأمنية، ويعطي مؤشر أننا نعيش في عسكرة المجتمع".

خريشة: السلطة في حالة تخبط منذ اللحظة الأولى عند تأجيل الانتخابات، وفي تعاملها مع معركة القدس

ورأى خريشة، أن سلوك السلطة "يُعبر عن حالة من العجز والقفز في الهواء ولن يفيد أحد، وأنها في حالة تخبط منذ اللحظة الأولى عند تأجيل الانتخابات، وفي تعاملها مع معركة القدس. ففي كل هذه الأمور كان هناك إخفاقات لدى السلطة".

اقرأ/ي أيضًا: منظمات أهلية تطالب بمحاكمة اشتية وتقاطع الحوار مع الحكومة

وأضاف، أن هذه الإخفاقات أسفرت عن توحد الشارع ضد هذه الممارسات، والتصويت لمن اعتقلتهم السلطة (ناديا حبش) في انتخابات نقابة المهندسين.

القيادي في الجبهة الديمقراطية رمزي رباح، رأى أن المرحلة التي تلت تأجيل الانتخابات شهدت توترًا واحتقانًا في الوضع الداخلي الفلسطيني، مضيفًا أن هذا الوضع كان يجب معالجته بالذهاب إلى خيارات بديلة تحفظ التماسك والوحدة في الموقف الفلسطيني، وأساسها الذهاب إلى حوار للاتفاق على مرحلة انتقالية لتوفير الظروف والشروط المطلوبة لإجراء الانتخابات والاتفاق على خطة من أجل إجراءها في القدس، وهذا لم يقع فسادت الأجواء المتوترة.

رباح: هذه المظاهرات ستتواصل، وهي بداية لكسر أي محاولة للمساس بحق التجمع الديمقراطي السلمي

وأكد رباح، أن "تضخيم" دور الأجهزة الأمنية و"المبالغة" في استخدام العنف ضد المتظاهرين تحت عناوين مختلفة، "لم يكن مبررًا، بل كان مدانًا ومخالفًا للقانون" وفق وصفه، مبينًا أن "الاستفحال في الاعتقال والتوقيف" دفع "القوى الديمقراطية الخمسة" في منظمة التحرير إلى تنظيم المسيرة الأخيرة.

وأضاف، أن المسيرة كانت "حاشدة وفاعلة، ولم تخضع لأي شروط سوى الإشعار الذي وجه للمحافظة، ولم تنتظر الرد، بل تعاملنا قانونيًا مع ما هو معمول به منذ عشرين عامًا"، مشددًا أن هذه المظاهرات ستتواصل، "وهي بداية لكسر أي محاولة للمساس بحق التجمع الديمقراطي السلمي، وهذا النهج سوف نواظب عليه. وعلى السلطة أن تتعظ بما جرى".

في المقابل، يرفض منير الجاغوب، مدير الإعلام في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، اعتبار سلوك الأمن أو السلطة بأنه "تخبط"، قائلاً إن الأجهزة الأمنية تريد فرض طلب ترخيص الوقفات وأخذ جواب عليه، وأن لا يتم الاكتفاء بإعلام السلطة والجهات المعنية، بل يجب أن يكون هناك جواب على الطلب.

فتح: الأجهزة الأمنية تريد فرض طلب ترخيص الوقفات وأخذ جواب عليه، وأن لا يتم الاكتفاء بإعلام السلطة

وردًا على تصريحات رباح بشأن آلية تنظيم المسيرة الأخيرة، قال إنه -بحسب ما علم من عضو مركزية فتح محمود العالول- فقد أخذت الفصائل موافقة على هذه المسيرة.

واستدرك بأن الجاغوب أكد أن موقف حركة فتح ثابت في هذه القضية بأنها ضد عملية الاعتقال، ومع أن يعبر الناس عن آرائهم وفق القانون، بشرط أن تلتزم الناس بالقانون.


اقرأ/ي أيضًا: 

المشاريع الوطنية الفلسطينية

الاعتراف بالتمثيل.. قلب معادلة السياسة الفلسطينية