23-نوفمبر-2023
خسائر إسرائيل في غزة

جندي إسرائيلي على دبابة في منطقة سديروت، بالقرب من قطاع غزة

الترا فلسطين | فريق التحرير

تتفاقم خسائر إسرائيل في غزة يومًا إثر آخر، مع انقضاء 48 يومًا من حرب "السيوف الحديدية" المدمرة، التي أدت لتعطل الحياة تمامًا في أغلب القطاعات الحيوية والهامة من جهة، إلى جانب الضربات العسكرية القوية التي تتلقاها على الأرض من جهة أخرى، وكان نتيجتها مقتل المئات من جنودها إلى جانب تدمير العشرات من آلياتها العسكرية في يوم عملية طوفان الأقصى، ثم في المعارك البرية، غير أن عدَّاد القتلى الآخذ في التزايد يوميًا يبقى أكبر خسائر إسرائيل في غزة، نظرًا إلى أن العنصر البشري كان دائمًا هو الأهم والأغلى ثمنًا بالنسبة إلى إسرائيل منذ إنشائها.

ومع قرار بدء تنفيذ الهدنة صباح الجمعة 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، فإن الأنظار تتوجه مباشرة لدراسة حجم خسائر "إسرائيل" في غزة، وهو ما يرصده الترا فلسطين في هذا المقال.

خسائر إسرائيل في غزة.. بشريًا

بلغت "خسائر إسرائيل في غزة" منذ عملية طوفان الأقصى وحتى 48 يومًا من الحرب، نحو 392 جنديًا، قتلوا على يد المقاومة الفلسطينية، وفقًا لبيانات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، كما أصيب 3391 آخرين، إضافة إلى 11 جنديًا قتلوا أثناء المناورات مع حزب الله.

وكشف رئيس جمعية المعاقين في جيش الاحتلال الإسرائيلي عيدان كيلمان، اليوم الخميس، عن إصابة 1600 جندي بإعاقات، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو "عدد غير مسبوق ولا يمكن تصوره" من الجنود المعاقين في تاريخ إسرائيل.

وقال عيدان كيلمان، في تصريح لإذاعة الجيش، إن 400 جندي لا يزالون في المستشفيات، ويتوقع أن يأتي آلاف آخرون يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة. 

وتقدر خسائر "إسرائيل" في غزة بأنها فاقت حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973 ضد الجيش السوري والجيش المصري.

تقدر خسائر "إسرائيل" في غزة بأنها فاقت حرب السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973 ضد الجيش السوري والجيش المصري

أما عند إحصاء إجمالي خسائر إسرائيل في غزة، بما يشمل الجنود والشرطة وعناصر أجهزة أمنية أخرى مثل الشاباك، إضافة إلى المستوطنين، فإن إجمالي العدد يصل إلى 1225 قتيلاً، و5431 مصابًا، هذا عدا عن نجاح المقاومة في أسر 236 إسرائيليًا من المستوطنين والجنود والضباط.

خسائر إسرائيل في غزة
دفن قتلى في عملية طوفان الأقصى
خسائر إسرائيل في غزة
دفن قتلى في عملية طوفان الأقصى

ويندرج أيضًا في إطار خسائر إسرائيل في غزة بشريًا، خسائر غير مباشرة، تمثلت في نزوح نحو 126 ألف إسرائيلي، بحسب آخر البيانات  لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، بيد أن الجيش الإسرائيلي قال إن العدد وصل إلى 500 ألف نازح، كما ارتفعت معدلات الهجرة العسكية خارج "إسرائيل"، وبحسب إحصاءات سلطة المعابر والمطارات الإسرائيلية، فإن أكثر من 230 ألف إسرائيلي غادروا "إسرائيل". 

خسائر إسرائيل في غزة.. اقتصاديًا

توقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، في تقرير نشره بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر، أن الحرب على غزة، سيكون لها تأثيرٌ كبيرٌ وطويل الأجل على الاقتصاد الإسرائيلي، وتوقع أن خسائر "إسرائيل" في غزة اقتصاديًا، قد تصل إلى مليار شيكل يوميًا. ونقل معهد دراسات الأمن القومي في تقريره عن وزارة المالية أن خسائر إسرائيل في غزة، المباشرة وغير المباشرة، أمنيًا ومدنيًا، تبلغ حوالي مليار شيكل يوميًا، ونوهت أن هذا المبلغ أعلى بكثير من تكلفة ميزانية الحروب السابقة، من بينها العدوان على غزة عام 2014، أو حرب لبنان الثانية.

كما أن 90% من الصدمة الاقتصادية سوف تأتي من التأثيرات غير المباشرة: انخفاض الاستثمار، وتعطل سوق العمل، وتباطؤ نمو الإنتاجية.

خسائر إسرائيل في غزة
 تل أبيب، أبرز المدن الإسرائيلية، على رأس أهداف صواريخ المقاومة
خسائر إسرائيل في غزة
 تل أبيب، أبرز المدن الإسرائيلية، على رأس أهداف صواريخ المقاومة

فيما قال موقع كالكاليست إن نصف التكلفة ستكون في النفقات العسكرية التي تصل إلى حوالي مليار شيكل يوميًا، إضافة إلى 40-60 مليار شيكل أخرى ستأتي من خسارة الإيرادات، و17-20 مليار لتعويض الشركات و10-20 مليار شيكل لإعادة التأهيل.

وتعود المبالغ الهائلة هذه إلى التعبئة الواسعة للجيش الإسرائيلي، والتبعيات الاقتصادية لعملية طوفان الأقصى، وإجلاء سكان مستوطنات غلاف غزة، والمستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية، وتكاليف إعادة إعمار المستوطنات في النقب، وقدر وقتها أن الحرب ستكلف ما بين 150 إلى 200 مليار شيكل، الذي يمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي في "إسرائيل". 

خسائر إسرائيل في غزة
إجلاء مستوطنين من مستوطنة سديروت المقامة في غلاف غزة
خسائر إسرائيل في غزة
إجلاء مستوطنين من مستوطنة سديروت المقامة في غلاف غزة

لم تقتصر خسائر "إسرائيل" في غزة، على التكاليف النقدية فقط، بل امتدت إلى خسائر في أسهمها في سوق البورصة العالمية، إذ أظهر مؤشر الأسهم الإسرائيلي TA-35، انخفاضًا مستمرًا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ورغم ملاحظة تحسن بسيط للمؤشر في بعض الأيام، إلا أنه يعود للانخفاض بعد ذلك، إضافة إلى انخفاض حاد أيضًا في مؤشر TA-100، الذي يشمل أكبر 100 شركة عامة في بورصة تل أبيب، وذلك مقارنة مع باقي المؤشرات العالمية التي حققت تقدمًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، في حين انخفض مؤشر الأسهم القياسي بنحو 10.9% هذا العام، وبدأت صناعة التكنولوجيا، محرك النمو الاقتصادي في إسرائيل، بالنزف حتى قبل بدء الحرب، إضافة إلى أن ازدياد المخاطر الاقتصادية دفعت إلى ركود الاستثمار.

وأثرت خسائر إسرائيل في غزة أيضًا على سعر عملة الشيكل، الذي وصل إلى أدنى مستوى له منذ 14 عامًا في الأسابيع الأولى من الحرب لتصبح "أسوأ عملة على مستوى العالم"، ولكنها تمكنت من التعافي، بعد إنفاق البنك المركزي الإسرائيلي 7.3 مليار دولار لحمايتها، وتخصيص 30 مليار دولار لتعزيزها.

تشمل خسائر "إسرائيل" في غزة أيضًا، مخاطر انخفاض التصنيف الائتماني. خسائر في أسهمها في سوق البورصة العالمية. هذا إلى جانب انخفاض عملة الشيكل لأدنى مستوى لها منذ 14 عامًا في الأسابيع الأولى من الحرب لتصبح "أسوأ عملة على مستوى العالم"

وتشمل خسائر "إسرائيل" في غزة أيضًا، مخاطر انخفاض التصنيف الائتماني، إذ قامت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني بخفض النظرة الائتمانية لـ"إسرائيل" من مستقرة إلى سلبية في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر، الذي قد يزيد مستقبلًا من تكاليف الفائدة التي تتحملها الحكومة الإسرائيلية عندما تقترض المال.

كذلك فإن الحرب على غزة، أدت إلى فصل 46 ألف عامل أو منحهم إجازة، إضافة إلى أن نحو 760 ألف عامل، أي ما يشكل 18% من القوى العاملة، حتى 48 يومًا من الحرب، غير قادرين على العمل بسبب الخدمة الاحتياطية، أو النزوح من منازلهم. وكان الجيش الإسرائيلي استدعى في بداية الحرب حوالي 350 ألف جندي احتياطي أغلبهم موظفون في القطاع التكنولوجي، مما عطل عمل الآلاف من الشركات، خاصة التكنولوجية، وذلك قبل أن يقرر الاحتلال تقليص نطاق قواته من خدمة الاحتياط في الأيام الأخيرة، من دون إعلان رسمي، وذلك لضمان عودة الأيدي العاملة إلى المرافق الاقتصادية، تفاديًا لمزيد من خسائر "إسرائيل" في غزة.

خسائر إسرائيل في غزة
جنود إسرائيليون يصلحون مسارات الدبابات قرب غزة

خسائر إسرائيل في غزة امتدت أيضًا لتشمل قطاع التكنولوجيا، الذي تفخر به "إسرائيل"، والذي تلقى ضربة مدويّة بعد عملية طوفان الأقصى، إذ ازداد اعتماد الاقتصاد الإسرائيلي على قطاع التكنولوجيا بشكل كبير في العقد الماضي، ويساهم الآن بنسبة 18% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 50% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، والضرائب المستحقة من القطاع التكنولوجي. 

ومن أبرز الشركات التكنولوجية الإسرائيلية التي تلقت ضربات بسبب الحرب على غزة، شركة فريتوس، وهي سوق رقمية للشحن البحري والجوي الدولي، ومقرها القدس، إذ ألقت الحرب بظلالها على قطاع الشحن مؤدية لانكماشه، وتشير التوقعات إلى أن الأرباح للعام بأكمله قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك أقل من سالب 20 مليون دولار مقارنة بخسائر قدرها 14.6 مليون دولار و12.4 مليون دولار في عامي 2022 و2021 على التوالي.

وقالت شركة فريتوس إن مديرًا واحدًا، والعديد من الموظفين الآخرين في احتياطي الجيش، قد تم استدعاؤهم إلى الخدمة الفعلية، كما تم استدعاء العديد من أفراد أسر الموظفين للخدمة.

خسائر إسرائيل في غزة.. عسكريًا

إلى جانب أعداد جنود الاحتلال الذين قتلوا، أو أصيبوا بإعاقات، فإن خسائر "إسرائيل" في غزة عسكريًا تجاوزت ذلك. "أبو عبيدة"، الناطق باسم كتائب القسام، أعلن عشية دخول الهدنة حيز التنفيذ، بعد 48 يومًا من الحرب، أن كتائب القسام استهدفت 335 آلية عسكرية إسرائيلية، ودمرتها كليًا أو جزئيًا. أما إسرائيًا، فإن الاعتراف بحجم الخسائر في الآليات أقل مما تعلن عنه المقاومة، على غرار ما يحدث في عدد القتلى من الجنود أيضًا.

وذكر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، أنه تم سماع الإنذارات في نحو 684 مرة، و319 مرة في المناطق القريبة من لبنان، واضطر الإسرائيليون التوجه إلى الملاجئ نحو 8973 مرة خلال الفترة الواقعة ما بين 7 أكتوبر و22 نوفمبر، وتركزت الإنذارات في المستوطنات: أشكلون، ونتيف هاسارا، ونير أم، وسديروت، وكسيوفيم، وزيكيم، ونحال عوز، وكرميا، ونيريم.

وتشمل خسائر إسرائيل في غزة نحو مئتي آلية عسكرية حتى الآن، وأدرج موقع armadarotta، بيانات مفصلة، أحصت حجم خسائر "إسرائيل" في غزة عسكريًا، بناء على المواد المصورة التي تم نشرها ودراستها، ووجدت أنه تم تدمير 23 أداة عسكرية، والاستيلاء على 100 أخرى على يد حماس، وإلحاق الضرر بتسعة غيرها.

خسائر إسرائيل في غزة
دبابة إسرائيلية دمرتها المقاومة في عملية طوفان الأقصى، يوم 7 أكتوبر

وتشكلت هذه الأدوات العسكرية التي خسرتها "إسرائيل" في غزة، وفق موقع armadarotta، مما يلي: 

1. 15 دبابة صناعة إسرائيلية، دمر منها أربعة بشكل كامل، و10 منها تم احتجازها، وواحدة تضررت.

2. أما ناقلات الجند، فتم تدمير مركبتين، والاستيلاء على 50 واحدة، وإلحاق الضرر بواحدة. هذا إضافة إلى 26 مركبة مشاة متنقلة، تم تدمير 26 منها، والاستيلاء على 21 مركبة، فيما تضررت مركبتين. 

3. كذلك تم السيطرة بشكل مؤقت على مركز قيادة واحد، ومحطة اتصالات، وتدمير طائرة استطلاع واحدة، وتدمير 9 شاحنات ومركبات وسيارات جيب، والاستيلاء على 11 أخرى، وإلحاق الضرر بخمسة. 

خسائر إسرائيل في غزة.. إعلاميًا 

حظيت "إسرائيل" بالدعم السياسي الدولي، من تأييد قادة الدول الأوروبية والولايات المتحدة منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، ومنح ذلك الحرب على غزة "شرعية" أمام العالم، غير أن الرأي العام العالمي يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في هذا الحرب، ويدخل ذلك في إطار خسائر إسرائيل في غزة، نظرًا إلى أن هذا الموقف الشعبي ينزع "الشرعية" المزعومة التي يحاول السياسيون منحها لهذا الحرب، ويرافق ذلك تغيرٌ كبيرٌ في الموقف الشعبي حول العالم تجاه استمرار الاحتلال الإسرائيلي وحق الشعب الفلسطيني في التحرر وتقرير مصيره.

وسجلت آلاف المظاهرات حول العالم دعمًا للفلسطينيين، ففي لندن وحدها خرج نحو 800 ألف متظاهر في 11 تشرين الأول/نوفمبر 2023، لتصبح رابع أكبر مظاهرة في تاريخ العاصمة البريطانية، إضافة إلى مئات المظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية والسويد، وأنحاء العالم أجمع. 

مظاهرات
المصدر: معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي(INSS)، حتى تاريخ 22 نوفمبر 2023

وأظهرت بيانات جمعها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي(INSS)، أن نحو 402 مظاهرة خرجت لدعم القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة الأمريكية، مقابل 182 فقط لدعم "إسرائيل"، فيما أكدت استطلاعات الرأي الأمريكية أن تأييد الفلسطينيين ارتفع بشكل ملحوظ وسط الفئة العمرية الشابة في الولايات المتحدة. 

إذ وجد استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب أن الديمقراطيين من جيل الألفية دعموا الإسرائيليين بفارق 25 نقطة، وبحلول عام 2023، وقفت المجموعة نفسها مع الفلسطينيين على الإسرائيليين بمقدار 11 نقطة للمرة الأولى على الإطلاق، أي تحول بمقدار 36 نقطة، فيما وجد مركز بيو للأبحاث في العام الماضي أن 56% من الأمريكيين دون سن 30 عامًا، لديهم وجهة نظر سلبية عن "إسرائيل"، بينما أظهرت استطلاعات رأي حديثة أن 54% من جيل الألفية يرى بأن دعم الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" يجعل المنطقة أكثر خطورة.