مايزال مصير مئات الفلسطينيين من الرجال والنساء والقاصرين مجهولاً بعدما اعتقلهم الاحتلال في هجومه البري على قطاع غزة المتواصل منذ أكثر من أربعة شهور، بينما تتوالى المعلومات حول ظروف مأساوية يعيشها المعتقلون وتعذيب انتقامي واعتداءات جنسية أيضًا أفضى إلى استشهاد العديد منهم.
الأسرى في قسم "23" يتعرضون للتعذيب بشكل يومي ومتواصل ويتم إدخال الكلاب عليهم، ويتم رميهم في الساحة في البرد الشديد خلال الليل بدون أي أغطية أو تقديم ملابس دافئة لهم.
وبينما تتحدث وسائل إعلام عبرية عن اعتقال المئات في معسكرات أقامها الجيش في بئر السبع جنوب فلسطين وقرب عناتا شرق القدس، وفتح سجون تحت الأرض للمقاتلين الذين تم اعتقالهم يوم السابع من أكتوبر، تشير معلومات أخرى إلى تخصيص القسم 23 من سجن عوفر غرب رام الله لأسرى قطاع غزة، وسماع أصوات تعذيب من حين لآخر من قسم 25 في السجن ذاته، في حين أشارت تقارير إسرائيلية لوجود أسرى في قسم 10 من سجن عوفر أيضًا، زاعمة أن المعتقلين هناك من مقاتلي النخبة في كتائب القسام.
ويحتجز الاحتلال المعتقلين من غزة ضمن إجراءات طوارئ خاصة بهم، تسمح مواصلة اعتقالهم بدون تقديمهم للمحاكمة أو توجيه اتهامات لهم وبدون السماح للمحامين وحتى الصليب الأحمر بلقائهم.
وإلى جانب الإجراءات الخاصة بأسرى غزة وأسيراتها، يقيد الاحتلال أيضًا زيارات المحامين لأسرى الضفة والقدس بعد السابع من أكتوبر، لكن المحامية كفاية خريم من بين قلة من المحامين الذين استطاعوا مؤخرًا زيارة الأسرى في سجن عوفر، ونقلت لـ الترا فلسطين شهادتها حول ما يقال عن قسم "23" الذي يعتقل فيه أسرى قطاع غزة.
أوضحت كفاية خريم، أنها قابلت خمسة أسرى فلسطينيين خلال زيارتها الأخيرة لسجن عوفر، والخمسة تحدثوا من تلقاء أنفسهم وبدون أي سؤال مسبق عن قسم 23 وما يجري فيه، مضيفة: "قالوا لي إنهم لا يستطيعون النوم خلال الليل من كثرة الصراخ وأصوات التعذيب التي يسمعوها من قسم 23".
ونقلت كفاية خريم عن الأسرى قولهم إن الأسرى في قسم "23" يتعرضون للتعذيب بشكل يومي ومتواصل ويتم إدخال الكلاب عليهم، ويتم رميهم في الساحة في البرد الشديد خلال الليل بدون أي أغطية أو تقديم ملابس دافئة لهم.
"أحد الأسرى الشهود تأخر عن رفاقه الأسرى خلال عودته للقسم الخاص، ومر بالصدفة من أمام قسم 23 وشاهد شخصًا من شدة التعب والتعذيب والإنهاك الظاهر عليه يبدو كهيكل عظمي، وكان يقوم بمسح دماء عن الأرض" أضافت خريم.
وأكدت، أن المعلومات قليلة، إذ لا يُسمح لأسرى قطاع غزة بالاختلاط ببقية الأسرى الآخرين.
جعفر عبيات، أسير سابق أفرج عنه مؤخرًا من قسم 21 في سجن عوفر، يقول إنه -خلال اعتقاله- التقى بأسرى من قسم 22 وهو القسم الملاصق لقسم 23 حيث يوجد أسرى من قطاع غزة، وأبلغوه أنهم كانوا يسمعوا صوت جرهم بالسلاسل الحديدية، ويعرفون ذلك لأن الممر الملاصق لغرف الأسرى في الطابق الثاني هو من الصاج، فكانوا يسمعوا صوت جرهم بواسطة الجنازير إلى الساحة في الأسفل.
وأوضح جعفر عبيات، أنهم كانوا يسمعوا صوت الأسرى وهم يجبرون على أداء أصوات الحيونات، "وعلى ما يبدو كان ذلك عندما يتم تقديم الأكل لهم بحيث يتم إجبارهم على النزول للساحة للأكل بشكل جماعي وإجبارهم على النباح".
أوضح جعفر عبيات لـ الترا فلسطين، أنهم كانوا يسمعوا صوت الأسرى وهم يجبرون على أداء أصوات الحيونات، "وعلى ما يبدو كان ذلك عندما يتم تقديم الأكل لهم"
وأضاف عبيات، أن جنود الاحتلال يقيدون أسرى غزة في قسم 23 بسلك حديدي وليس بالكلبشات أو الحبال أو القيود البلاستيكية، كما حرموهم من أي ثياب شتوية، ويقدمون لهم طعامًا أقل مما يتم تقديمه لبقية الأقسام، هذا عدا عن الإذلال والضرب المتواصل.
وأفاد أن المعتقلين في قسم 23 يتعرضون لتفتيشات ليلية بشكل مستمر وفي أوقات متعددة ومختلفة بحيث لا يستطيعون النوم والبقاء في حالة توتر مستمرة.
وبيّن جعفر عبيات، أنه لم يقابل أي أسير من قطاع غزة في العيادات، "وهذا يعني أنهم لا ينقلون أي مصاب منهم للخارج، ولا يقدمون لهم أي علاج، والعلاج يكون بشكل موضعي داخل الأقسام".
من جانبه، رئيس هيئة الأسرى قدورة فارس يصف ما يتعرض له أسرى قطاع غزة بأنه "عمل إجرامي" من حيث طريقة معاملتهم واحتجازهم بلا محاكمة ولا نظام ولا قانون، وبلا أي رقابة من أي جهة، عدا عن حجب أي معلومات حولهم.
ويقول قدورة فارس لـ الترا فلسطين، إن معلومات وردت إليهم عن سماع الأسرى أصوات تعذيب في قسم 23 وقسم 25 في سجن عوفر، قبل أن تبث وسائل إعلام إسرائيلية هذ الأسبوع تقارير صحيفة من قسم 10 في سجن عوفر، المخصص للأسرى من قوات النخبة في حماس، بحسب الإعلام العبري.
ويؤكد فارس، أن لا أحد يمتلك معلومات دقيقة عن أسرى قطاع غزة، بما في ذلك أعدادهم وظروف اعتقالهم، مضيفًا أن منع إسرائيل التواصل مع أسرى غزة وامتناعها عن الإدلاء بأي معلومات، يعني أن هناك أمرًا مبيتًا ضدهم.
وأكد قدورة فارس، أن هناك "فظاعات" ترتكب بحق أسرى قطاع غزة، وما يتم تصويره من فيديوهات رسمية وتنشر في وسائل الإعلام الإسرائيلي هي "شيء مرعب، فما بالك بما خفي ولا يتم تصويره؟".