24-أكتوبر-2017

ينتظر الفلسطينيون أن تبدأ السلطة الفلسطينية أولى خطواتها في الشرطة الدولية "الانتربول"، بعد أن حاولت أكثر من مرة الانضمام إلى المنظمة الكبيرة، في جهود حاربتها واشنطن و"تل أبيب"، قبل أن تتكلل بالنجاح في شهر أيلول/سبتمبر 2017، عندما حصلت فلسطين على تأييد 75 دولة لطلب عضويتها في المنظمة، ورفض 24 دولة أخرى، فيما امتنعت عن 34 دولة عن التصويت لصالح القرار.

وكعادتها، لم تتردد السلطة الفلسطينية في مباركة الخطوة التي اعتبرتها انتصارًا لدبلوماسيتها، في حين تلقى فلسطينيون الخبر بشكل ساخر، وتبادلوا المزاح عن إمكانية أن تلاحق السلطة الفلسطينية نشطاء مقيمين خارج فلسطين، بسبب مواقفهم السياسية المناهضة لها، دون أن يخفي نشطاء تخوفهم بالفعل من مثل ذلك، في حين كشف موقع "ميدل إيست آي" عن أن رجل الأعمال الأمني محمد دحلان سيكون على رأس المطلوبين للسلطة من "الانتربول".

"ألترا فلسطين" ومع اقتراب إتمام فلسطين شهرها الأول في المنظمة، وإعلانها افتتاح مكتب للمنظمة في رام الله، وتسليم رئاسته للعقيد محمود صلاح الدين، قرر فتح الملف والبحث في الخطوات الفلسطينية المرتقبة في هذا السياق، وتوضيح آلية عمل هذه المنظمة وصلاحياتها داخل الدول الأعضاء فيها، ومنها فلسطين.

السلطة ستلاحق عبر "الانتربول" كل من يحمل الجنسية الفلسطينية ومتهم بقضايا جنائية لا علاقة لها بأي ملفات سياسية أو دينية أو عرقية

يقول العقيد صلاح الدين، إن العضوية ستتيح لفلسطين ملاحقة المطلوبين للعدالة، وإحضارهم أينما كانوا لعرضهم على القضاء الفلسطيني، مبينًا أن الترتيبات الإدارية التي تتبع العضوية أصبحت في مراحلها النهائية، حيث تم افتتاح فرع خاص بـ"انتربول فلسطين"، وستكون مهمة المكتب الذي يترأسه، الاتصال مع مكتب الأمانة العامة ومقره في ليون الفرنسية، والاتصال مع المكاتب الفرعية في الدول الأعضاء، إضافة لوجود طاقم تم تدريبه لهذا الغرض.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو | دحلان أول مطالب السلطة من "الانتربول"

وتتيح عضوية فلسطين في المنظمة، بحسب صلاح الدين، فرصةً لتبادل المعلومات، وزيادة خبرة الشرطة الفلسطينية، وتطوير قدراتها لتصبح في مصاف الدول الأخرى في مكافحة الجرائم المختلفة، وتعزيز التعاون الشرطي مع دول العالم، وإنفاذ القانون.

وينتظر فرع "انتربول فلسطين" حاليًا استلام الملفات التي أعدت النيابة العامة جزء منها، والمتضمنة أسماء مطلوبين للعدالة تعتزم السلطة الفلسطينية محاكمتهم بتهم جنائية، لكن العقيد صلاح الدين رفض الإفصاح عن أسماء شخصيات بعينها، واكتفى بالقول: "كل من يحمل الجنسية الفلسطينية ومتهم بقضايا جنائية لا علاقة لها بأي ملفات سياسية أو دينية أو عرقية سيتم تسليمهم ومحاكمتهم حسب القضاء الفلسطيني".

لكن مصادر خاصة أفادت بأن موضوع تسليم دحلان لم يُناقش لدى قيادة منظمة التحرير حتى اللحظة، وأن الرئيس محمود عباس سينتظر على الأغلب ما ستؤول إليه خطوات المصالحة مع حماس برعاية مصرية، قبل أن يتخذ خطوة بهذه الاتجاه.

وقالت المصادر، إن أبو مازن ربما سيُقدم على خطوات ضد دحلان في "الانتربول"، في حال فشلت المصالحة وحاولت دول عربية على رأسها مصر طرح دحلان بديلاً له.

استبعاد المطلوبين على خلفيات سياسية، وفق قول صلاح الدين، توافق أيضًا مع تأكيدات أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس محمد شلالدة حول ذلك، إذ أكد أن صلاحيات المنظمة تندرج تحت إطار الجرائم المتعلقة بالمخدرات، والفساد، وتزوير النقود، والجرائم العابرة للحدود، أما فيما يتعلق بتهم الإرهاب، فهي تشمل بث الذعر والخوف لأهداف غير سياسية.

وتأسست منظمة "الانتربول" عام 1923، وتضم غالبية دول العالم، ويقوم عملها، وفق ما أفاد به شلالدة لـ"ألترا فلسطين" على التعاون الدولي في مكافحة الجريمة، ومن اختصاصها تسهيل ملاحقة المطلوبين بغية تسليمهم لدولهم، أو محاكمتهم، لافتًا إلى أن الدور الأساسي هو التسليم وليس المحاكمة.

ويوضح شلالدة، أن المنظمة تتبع إجراءات عدة قبل تسليم الأفراد المتهمين، وفي حال قررت السلطة الفلسطينية إرسال ملفات جنائية إلى مقر الأمانة العامة، فإن عليها أن تبحثها في بادئ الأمر، وتصنف كل ملف حسب الدائرة المختصة من النواحي الفنية، ثم تقدم البيانات والأدلة وتجري التحقيقات الأولية.

"الانتربول" لا يسلم المطلوب فورًا، بل يدرس الملفات المقدمة من خلال مختصين، ويراسل الدولة التي يقيم فيها، وإن ثبتت إدانته يسلمه

"ولأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته" كما يقول شلالدة، فليس كل فرد يجري تقديم طلب تسليم بحقه يتم تسلميه، وإنما يخضع ملفه للدراسة من قبل مختصين، ومراسلة الأجهزة الخاصة في الدول المعنية، فإن ثبتت إدانته فسيسلم لدولته، وفي الحالة الفلسطينية يحاسب وفق القضاء الفلسطيني.

وعلى قاعدة "العقد شرعية المتعاقدين" فإن الدول الأعضاء تحترم النظام الداخلي للمنظمة، وبالتالي تقبل تسليم أيًا من المطلوبين المتواجدين على أرضها، وفي حال رفضت، وهذا نادر الحدوث، يتم إيقاع العقوبة بحقها، وقد يصل إلى سحب العضوية، وفق شلالدة.

ويقول شلالدة، إنه لا يوجد سقف زمني محدد لإنجاز ملف تسليم أي مطلوب، موضحًا أن الأمر منوط بنوع الجريمة، وفي أي إقليم أو دولة يقيم المطلوب، والإجراءات الأخرى ذات الصلة، كما يمكن التقدم بأكثر من طلب تسليم لذات الشخص إذا ما فر من وجه العدالة قبل محاكمته.

ويمكن لأكثر من جهة في السلطة الفلسطينية مخاطبة "الانتربول"، إما عبر مكتبها المركزي، أو وزارة الخارجية.

وكانت مصادر إسرائيلية قد كشفت عن مخاوف رسمية حقيقية من أن يؤدي انضمام فلسطين لـ"الانتربول" إلى وصول معلومات حساسة وهامة إلى حركة حماس، هذا إضافة إلى المخاوف من أن تنجح فلسطين في ملاحقة شخصيات إسرائيلية كبيرة على خلفية ارتكابهم جرائم حرب. فيما يتخوف فلسطينيون في المقابل من ملاحقة إسرائيل لأسرى محررين، أو مبعدين عن الأراضي الفلسطينية، وقد علق شلالدة على ذلك بالقول إنه خارج اختصاص المنظمة.


اقرأ/ي أيضًا: 

منظمة إسرائيلية لـ"الانتربول": نريد العاروري

الأردن يرفض رسميا تسليم المحررة أحلام التميمي

السلطة الفلسطينية.. تجارة الوهم