16-يناير-2021

صورة توضيحية - gettyimages

حتى اليوم، مازالت القرارات بقانون الصادرة عن الرئيس محمود عباس بشأن تعديل قانون السلطة القضائية تثير الجدل في أوساط الحقوقيين والقانونيين والقضاة والمهتمين بهذا الشأن.

حمارشة: التعديلات صدرت على شكل قرارات بقانون دون ضرورة لذلك، وتنتهك مبدأ الفصل بين السلطات

ويجمع عدد من الخبراء على مخالفة هذه القرارات بقانون، الصادرة الأسبوع الماضي، للقانون الأساسي الفلسطيني، وأنها ستقود إلى "تغول السلطة التنفيذية وإحكام سيطرتها على السلطة القضائية" وفق وصفهم، إضافة إلى أنها "فُصّلت على مقاس رئيس مجلس القضاء الأعلى عيسى أبو شرار" حسب اعتقادهم.

اقرأ/ي أيضًا: القضاء.. عدالةٌ انتقالية أم هيمنة تسلطية

يقول أمين سر نادي القضاة القاضي فاتح حمارشة، إن طريقة إصدار التعديلات مخالفة للقانون الأساسي، لأنها صدرت على شكل قرارات بقانون، "ولا يوجد حالة ضرورة لذلك، كما أنها تنتهك مبدأ الفصل بين السلطات".

هذه التعديلات، وفق حمارشة، تعني "تغول" السلطة التنفيذية على السلطة القضائية والتشريعية، من خلال ممارسة جوهر عمل السلطة التشريعية بإصدار القوانين، وإصدار قوانين تمس استقلال القضاء وإخضاعه وجعله تابعًا للسلطة التنفيذية.

وأكد حمارشة لـ الترا فلسطين، أن ما تضمنته هذه القوانين جعل السلطة القضائية تابعة للسلطة التنفيذية وخاضعة لها، وذلك من خلال النظر إلى النصوص التي وردت في القرار بقانون المتعلق بتعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى، وهذه النصوص جعلت السلطة التنفيذية تنفرد في تعيينه، دون تنسيب حقيقي، كما أن هذه النصوص فصلت على مقاس رئيس المجلس القضائي الأعلى، لأن عمره تجاوز السبعين.

ووصف حمارشة هذه التعديلات بأنها "جريمة تضارب مصالح، وهذا مُجَرَّم بموجب قانون مكافحة الفساد".

حمارشة: ما يجري في القضاء "انهيار حقيقي في منظومة العدالة وللقضاء الفلسطيني

وبالتالي، فإن ما يجري في القضاء، وفق حمارشة، هو "انهيار حقيقي في منظومة العدالة، وانهيار حقيقي للقضاء الفلسطيني".

اقرأ/ي أيضًا: سقوطٌ مُدوٍ للتعليم القانوني في تعيين قضاة

وأضاف، أن النصوص التي تضمنها قانون السلطة القضائية المعدل "تجعل القضاة في حالة ترهيب دائمة"، عدا أن هناك "خروجًا عن المعايير الدولية المتعلقة في استقلال القضاة، لأن المعايير الدولية تنص أن القضاة غير قابلين للعزل، ولا يجوز ذلك إلا بسبب تأديبي أو ببلوغه السن القانوني المنصوص عليه في القانون".

وتابع، "النصوص التي وردت في القرار بقانون المعدل من عزل للقضاة أو تنسيبهم إلى مناصب أخرى أو وضعهم تحت التجربة لسنوات، تعتبر مخالفة للقانون الأساسي، وفي ظل إحكام السلطة التنفيذية على السلطة القضائية سيكون القضاة خاضعين للترهيب دائمًا، خوفًا من سيف العزل والإحالة إلى التقاعد وإلغاء الخدمة بسبب فترة التجربة، ويحبط استقلالية وحيادية القاضي".

ويرى حمارشة، أنه "لا يمكن أن يكون هناك مستقبل للقضاء الفلسطيني في ظل وجود مثل هذه النصوص".

من جانبه، وصف الباحث عمار جاموس وصف ما حصل بأنه "صفقة" بين رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي والسلطة التنفيذية.

جاموس: التعديلات "صفقة" بين رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي والسلطة التنفيذية

هذه الصفقة، وفق جاموس، حصل بموجبها عيسى أبو شرار (85 سنة) على وظيفة سامية في الدولة (رئيس المحكمة العليا ورئيس مجلس القضاء الأعلى)، وراتب "ممتاز" وتقاعد "مريح"، إضافة إلى سلطات قوية جدًا على القضاة. في مقابل أن "يضمن بقاء القضاء في جيب السلطة التنفيذية وأن يشفي غليل بعض الحاقدين شخصيًا على القضاء في السلطة التنفيذية" على حد تعبيره.

ورأى، أن هذه "الصفقة" تمثل "متاجرة بالنفوذ"، وتعتبر من "جرائم الفساد" حسب تعبيره.

وتابع "أنا لا أدعي أن القضاء كان قبل تعديل القانون مستقل أو أنه كان كذلك قبل تشكيل المجلس الانتقالي، على العكس تمامًا فقد ازداد سوءًا في الفترة الانتقالية، ولكن الجديد اليوم، هو أنه تم مأسسة تبعية القضاء للسلطة التنفيذية ومأسسة النيل من استقلاله من خلال قرار بقانون معدل لقانون السلطة القضائية".

وأضاف، أن الحالة مع هذا التعديل "لم تعد مقتصرة على حالة خروج عن القانون أو انتهاك هنا أو هناك سوف ترجع لصحيح القانون بعد غضب شعبي أو ضغط دولي، الوضع لم يعد كذلك بالمرة، بل أصبح هذا الخروج جزء من عقيدة النظام نفسه، عبَّر عنها هذه المرة من خلال تعديل القانون وما صاحبه من متاجرة بالنفوذ".

وكان القاضي أحمد الأشقر أكد في بيان تلقى الترا فلسطين نسخة عنه، قبل إحالته للتقاعد المبكر، أنه لا يجوز تعديل قانون السلطة القضائية بقرار بقانون لأنه قانون أساسي ينظم سلطة دستورية توازي السلطات الأخرى.


اقرأ/ي أيضًا: 

مطالباتٌ بإلغاء قرار "التقاعد المبكر" الذي طال ستة قضاة

تعليقًا على إحالة قُضاة للتقاعد المبكر.. حمارشة: تصفية حسابات