الترا فلسطين | فريق التحرير
في عام 1997، قرر جهاز الموساد بتوجيه من رئيس الحكومة الإسرائيلية، حينها، بنيامين نتنياهو، اغتيال خالد مشعل، ردًا على سلسلة من العمليات التي نفذتها حركة حماس. في ذلك الحين، وفقًا للصحفي والكاتب الإسرائيلي رونين برغمان، لم يكن نتنياهو يعرف خالد مشعل، بل تعرف عليه عندما اقترح جهاز الموساد اغتياله، إذ كان خالد مشعل حينها قد انتخب حديثًا لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس.
يُعتبر خالد مشعل أحد الشخصيات المؤسسة لحركة حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، انتفاضة الحجارة، وانضم إلى المكتب السياسي للحركة منذ اليوم الأول لتأسيسها
نفذ جهاز الموساد عملية اغتيال خالد مشعل على الأراضي الأردنية، ولكن المحاولة باءت بالفشل، ليصبح خالد مشعل على إثرها أحد أكثر الشخصيات الفلسطينية شهرة لدى الإسرائيليين من جهة والجمهور العربي من جهة أخرى.
من هو خالد مشعل؟
ولد خالد مشعل عام 1956 في بلدة سلواد شرق رام الله، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها ثم انتقل مع عائلته إلى الكويت، حيث واصل تعليمه المدرسي ثم الجامعي في جامعة الكويت، وحصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء، وعمل مدرسًا للفيزياء في الكويت، حتى اضطر إلى مغادرتها عام 1991، بعد الأزمة بين الكويت ومنظمة التحرير على أثر انحياز المنظمة للاحتلال العراقي للكويت.
يُعتبر خالد مشعل أحد الشخصيات المؤسسة لحركة حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، انتفاضة الحجارة، وانضم إلى المكتب السياسي للحركة منذ اليوم الأول لتأسيسها.
وفي عام 1991، انتقل خالد مشعل إلى الأردن، وواصل من هناك نشاطه في حركة حماس التي ظلت العلاقة قائمة بينها وبين الأردن حتى بعد توقيع اتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل.
وفي عام 1996، انتخب خالد مشعل رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس، بالتزامن مع اشتعال الأراضي الفلسطينية بعمليات استشهادية ليصبح في عام 1997 هدفًا لعملية اغتيال، تجاهلت فيها إسرائيل اتفاق السلام مع الأردن، باستهدافها رجلاً يحمل الجنسية الأردنية على الأراضي الأردنية.
اغتيال خالد مشعل.. انقلاب السحر على الساحر
أصدر بنيامين نتنياهو تعليماته باغتيال خالد مشعل، بعد نقاشات مع جهاز الموساد، لتكون العملية هي رد إسرائيل القوي على سلسلة عمليات نفذتها حركة حماس في القدس، أوقعت عشرات القتلى الإسرائيليين.
كان مقررًا أن تتم عملية اغتيال خالد مشعل بسرية شديدة، بحيث لا يتم اكتشاف العملية، بما يضمن تجنب أي تداعيات سياسية لها مع الأردن. وعلى ذلك كانت الخطة أن يتم رش مادة من جهاز خاص بالقرب من رأس خالد مشعل، وهذه المادة تعطل مراكز التنفس متسببة بوفاة خالد مشعل بعدها بساعات.
حظيت عملية اغتيال خالد مشعل بمتابعة خاصة من مقر الموساد في إسرائيل، ومن السفارة الإسرائيلية في عمان، ومن محطة الموساد في امستردام. وفي 25 أيلول/سبتمبر 1997 جاءت لحظة الصفر، أمام مبنى في العاصمة عمان يقع بداخله مقر حركة حماس.
تقدم شخصان من خالد مشعل ومرافقه، يحمل أحدهما الجهاز المخصص لعملية الاغتيال، يقول خالد مشعل إنه في هذه اللحظة شعر بصعقة أدت إلى هزة في جسده وصوت مرتفع في أذنه، وانتهى الأمر.
أثناء محاولة هروب عضوي الموساد من الموقع وصل مرافقٌ آخر لخالد مشعل، يدعى محمد أبو سيف، فشرع بملاحقة العضوين في الموساد، ولدى وصوله إليهما وقع بينهم اشتباك بالأيدي أعقبه تدخل ضابطٌ في جيش التحرير الفلسطيني الموجود في عمان سعد الخطيب، الذي كان يرتدي زيًا مدنيًا ووصل الموقع بسيارة أجرة، واعتقل مع محمد أبو سيف عضوي الموساد وسلمهما للسلطات الأردنية.
أما خالد مشعل، فقد انسحب من موقع محاولة الاغتيال واجتمع مع أعضاء المكتب السياسي في منزل القيادي محمد نزال، ولكن بعد ساعات، يقول خالد مشعل إنه بدأ يشعر بتراجع في الإدراك وحالة مشابهة إلى فقد وعيه وأدخل العناية المكثفة.
أعقب هذه المحاولة الفاشلة مفاوضات أردنية - إسرائيلية قادها العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال، وأسفرت في النهاية عن تقديم إسرائيل العلاج اللازم لإنقاذ حياة خالد مشعل والإفراج عن مؤسس حركة حماس أحمد ياسين، مقابل الإفراج عن أعضاء الموساد الستة الذين تم اعتقال اثنين منهم بينما الأربعة الآخرون كانوا في السفارة الإسرائيلية.
خالد مشعل إلى قطر ودمشق
في عام 1999 قررت السلطات الأردنية إغلاق مكتب حركة حماس لديها، وفي هذا الإطار اعتقلت خالد مشعل، لكنها أفرجت عنه لاحقًا مع إبعاده إلى قطر، لتبدأ مرحلة جديدة في عمل حركة حماس، كان خلاله قادة الحركة، وعلى رأسهم خالد مشعل، بين العاصمة القطرية الدوحة والعاصمة السورية دمشق.
اختارت حركة حماس في عام 2004 خالد مشعل رئيسًا للحركة، خلفًا لرئيسها عبد العزيز الرنتيسي، الذي استشهد في عملية اغتيال إسرائيلية، بعدما كان قد خلف أحمد ياسين في رئاسة الحركة، الذي كان قد استشهد هو أيضًا بعملية اغتيال قبلها بشهور.
أعلن خالد مشعل فور توليه رئاسة حركة حماس تبنيه لخيار المقاومة المسلحة
أعلن خالد مشعل فور توليه رئاسة حركة حماس تبنيه لخيار المقاومة المسلحة، وواصل من الدوحة ودمشق ممارسة نشاطه السياسي كرئيس لحركة حماس، قبل أن يغادر دمشق في عام 2011 مع مسؤولين آخرين من الحركة، على أثر انتقادات وجهها للنظام السوري في تعامله مع الثورة السورية.
وفي عام 2017، انتُخب إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس، خلفًا لخالد مشعل، الذي أصبح رئيسًا لحركة حماس في الخارج.
طوفان الأقصى
بعد عملية طوفان الأقصى، يوم السابع من أكتوبر 2023، أصبح خالد مشعل بين أكثر الشخصيات بروزًا في حركة حماس، بسبب مكانته في قيادة الحركة السياسية التي تولت مهمة التفاوض مع الوسطاء، كما ظهر في مقابلات مع وسائل إعلام عربية متحدثًا عن دوافع طوفان الأقصى وأهدافها.
وبعد ستة أشهر من معركة طوفان الأقصى، أصبح اسم خالد مشعل بين الأكثر جدلاً على المستوى العربي، نتيجة التحريض ضده في وسائل إعلام عربية وفي منصات التواصل، واتهامه بالتحريض ضد استقرار الأردن، على أثر مداخلة له عبر الفيديو خلال إفطارٍ جماعي دعا له القطاع النسائي لحزب جبهة العمل الإسلامي بالأردن، حمل شعار "انفروا خفافًا وثقالًا" يوم 25 آذار/مارس.
وقال خالد مشعل في كلمته، "ما زلنا نحث الأمة أن تنخرط في المعركة وأن تختلط دماء هذه الأمة مع دماء أهل فلسطين حتى ننال الشرف ونحسم هذا الصراع لصالحنا (...) كذلك مسار الحراك الشعبي نريد أن يكون مستدامًا".
ورد على تصريحات خالد مشعل، الناطق باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين قائلاً: "نتمنى على الإخوة من القيادات في حركة حماس أن يوفروا نصائحهم ودعواتهم لضرورة حفظ السلم، ودعوة الصمود للأهل في قطاع غزة".
بينما علق وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة، بأن تصريحات خالد مشعل "لا تسيء للأردن وتأتي في سياق الخطاب المجازي، وأن تحرير فلسطين مسؤولية عربية جماعية".
وتعقيبًا على هذا الجدل، قال عضو حزب جبهة العمل الإسلامي خالد الجهني لـ الترا فلسطين، إن أطرافًا عربية "حاولت زرع فتيل أزمة بين حماس والمستوى الأردني الرسمي"، عبر شخصنة الخلاف والتركيز على تصريحات خالد مشعل، معتبرًا أن المحاولات باءت بالفشل، "والمشهد العام يذهب حاليًا باتجاه احتواء الزوبعة، لأن حماس لم تمارس أي دور يمس الساحة الأردنية" حسب قوله.
وأكد خالد الجهني أن قنوات الاتصال لم تنقطع بين حماس والأردن، فالحكومة الأردنية أوصلت رسالة عتب لحركة حماس حول خطاب مشعل "الذي فسّر بغير سياقه".