06-نوفمبر-2022
.

(الترا فلسطين) المحامي والمعتقل السياسي السابق أحمد خصيب

قال المعتقل السياسي أحمد خصيب، والمُفرج عنه مؤخرًا من سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية، إنه تعرض للتعذيب والضرب الجسدي خلال الأيام الأولى من اعتقاله على خلفية ما تعرف بقضية "منجرة بيتونيا"، وبأن النيابة العامة وجهت لهم تهمة جنائية متعلقة بـ "محاولة تصنيع متفجرات"، وهو ما ينفيه، مؤكدًا أن اعتقاله سياسي تعسفي.

تعرض للتعذيب والضرب الجسدي خلال الأيام الأولى من اعتقاله على خلفية ما تعرف بقضية "منجرة بيتونيا"

وبعد ما يزيد عن 140 يومًا من الاعتقال، وإضراب عن الطعام استمر 31 يومًا، أفرجت أجهزة الأمن الفلسطينية عن المحامي أحمد خصيب من بلدة عارورة شمال رام الله يوم 25 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وفي يوم 31 تشرين أول/ أكتوبر أفرجت عن خالد نوابيت من قرية برقة شرقي رام الله، بعد 147 يومًا من الاعتقال وفي اليوم 37 من إضرابه عن الطعام.

وبالرغم من تردي حالتهم الصحية، ومناشدات مؤسسات دولية ومحلية حقوقية بضرورة الإفراج عنهم، إلا أن محكمة جنايات رام الله أجلت الخميس الماضي محاكمة من تبقى من المعتقلين على خلفية قضية "منجرة بيتونيا"، حتى تاريخ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بعد ورود إفادة من الشرطة بتعذر إحضار  الموقوفين الثلاثة من المستشفى لصعوبة نقلهم على ضوء التدهور المستمر في وضعهم الصحي.

وحول تفاصيل تجربة اعتقاله، يروي خصيب لـ"الترا فلسطين"، أنه جرى اعتقاله بعد صلاة الفجر من قرية عارورة، وتم اقتياده إلى مركز جهاز المخابرات في رام الله، ومن ثم جرى عرضه على النيابة العامة لتمديد الاعتقال، ونقل بعدها إلى سجن المخابرات في أريحا واستمر اعتقاله فيه لنحو 3 أشهر.

وأكد خصيب أنه في الأيام الأولى تعرض للتحقيق الجسدي، وتعرض للضرب والصفع على رأسه وعلى رقبته. مشيرًا إلى أن التحقيق معهم كان "بتهمة تصنيع متفجرات"، مؤكدًا على أن هذه التهمة باطلة وعارية عن الصحة، رغم توجيه الاتهام بها.

وفي يوم السادس من حزيران/ يونيو الماضي، وقع انفجار في منجرة الشيخ منذر رحيب في المنطقة الصناعية في بلدة بيتونيا، وشنت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات واسعة طالت نحو 20 معتقلاً معظمهم أسرى محررين من حركة حماس، أفرجت لاحقاً عن معظمهم، وأبقت على ستة معتقلين (أفرج عن اثنين قبل أيام) ووجهت لهم النيابة العامة تهم جنائية حول نفس القضية.

يشدد خصيب على أن الاعتقال كان تعسفيًا، وأن والمدة طالت، كما أن طريقة الاعتقال لم تتم وفق القانون، ولا مكان الاعتقال تطابق مع القانون، حيث تم نقلهم إلى مقر المخابرات في أريحا، رغم الاعتقال من رام الله.

ويعاني المعتقل من الكثير من اللحظات والمواقف الصعبة، ولكن أصعبها بحسب خصيب، كان ميلاد طفلته البكر "منى" وهو معتقلاً، قائلًا: "أمر صعب أن تلد زوجتك وأنت في سجن المخابرات في أريحا". ومما زاد من صعوبة الأمر هو عدم تبلغه بذلك مباشرةً أو معرفته في لحظته، موضحًا أن علم بولادة ابنته بعد اتصال قريب له في المخابرات، قبل أن يسمح له بالحديث مع زوجته، فيما استغرقت الزيارة الأولى لابنته مدة أسبوع، حتى حدثت.

أمّا عن تجربة الإضراب عن الطعام، والوصول إلى اتخاذ مثل هكذا قرار، يقول خصيب "آخر الدواء الكي"، لافتًا النظر إلى أن اللجوء إلى الإضراب عن الطعام كان بعد استنفاذ كافة السبل للإفراج عنهم، خاصةً مع حصولهم على عشرات الوعود التي لم تتحقق. ولحظة الشروع في الإضراب بحسب خصيب "كنا قد قررنا أنه في حال عدم الإفراج عنا في 21 أيلول/ سبتمبر الماضي خلال جلسة المحكمة، ولا معرفة مصيرنا بالتحديد، بأن نشرع بالإضراب المفتوح عن الطعام، واتفقنا على الموضوع".

أمر صعب أن تلد زوجتك وأنت في سجن المخابرات في أريحا

وحول أيام الإضراب الأولى، قال خصب لـ"الترا فلسطين"، "بعد قرار الإضراب بيومين نقلنا إلى سجن بيتونيا، وفي اليوم 12 تم نقلنا إلى مستشفى في رام الله، وهناك أجريت لنا عدة فحوص وعدنا للسجن، باستثناء أحمد هريش الذي بقي في المستشفى ليومين".

وتابع "في اليوم 22 من الإضراب جرى نقلنا إلى المستشفى مرةً أخرى وأجريت لنا فحوصات أخرى لمدة ساعات، وأبلغنا من أحد أفراد الشرطة أننا لن نبقى في هذا المستشفى بسبب عدم وجود تغطية مالية لنا فالليلة فيه تكلف ألف شيقل، وبأن علينا دفع هذه المبالغ من جيوبنا، وهذا من ضمن الضغوطات التي مورست علينا كي نفك الإضراب"

بعد إجراء الفحوصات، يشير خصيب إلى إعادتهم إلى سجن بيتونيا، الذي رفض استقبالهم، لأنه بحسب القانون يتم إخلاء مسؤولية السجن بعد 21 يومًا من إضراب المعتقل عن الطعام.

يتابع خصيب "بعد المكوث ساعين أمام السجن جرى نقلنا إلى مستشفى رام الله وكنا حينها في حالة إعياء شديد.. وصلنا إلى قسم الطوارئ، ومن ثم نقلنا إلى غرفة عليها حراسة متواصلة، وكنا مكبلين في الأسرة".

.
أحمد خصيب خلال اعتصام في رام الله للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين

وحول الأعراض التي كان يعاني منها، قال إنه كان يعاني من أوجاع في العضلات ودوخة شديدة وفي إحدى المرات دخل إلى الحمام ولكن بسبب الدوخة سقط على الأرض وحدث معه تشنج شديد ونقل محمولاً على الكرسي إلى السرير. وأردف "كانت لدي أوجاع شديدة في المعدة وعصارة المعدة تخرج عبر المريء وتصيبني بحرقة شديدة، واستفراغ لعصارة المعدة". ورداً على سؤال إن كان يتوقع اعتقاله عند الاحتلال بعد الإفراج عنه من قبل السلطة رد خصيب "كل شيء متوقع وأنا مستعد لذلك".  

من جانبها، قالت المتحدثة باسم أهالي المعتقلين السياسيين أسماء هريش، إن شقيقها أحمد هريش وقسام حمايل وجهاد وهدان يواصلون الإضراب المفتوح عن الطعام لليوم 44 على التوالي، أما الشيخ منذر رحيب فهو غير مضرب بسبب حالته الصحية وسنه.

وقالت في تعقيب لـ"الترا فلسطين"، إن وضع المضربين الصحي سيء جداً، ويتحركون عبر الكرسي، ولا يستطيعوا الوصول إلى الحمام بمفردهم ولا الصلاة إلا على السرير، ويعانون من دوخة وآلام شديدة، وبعضهم لديه التهاب في الكلى والأمعاء وفطريات.

وأكدت مجموعة محامون من أجل العدالة والتي تمثل فريق الدفاع عن المعتقلين "سوء وضعهم الصحي حيث يعاني جميع المعتقلين من هزال شديد في الجسم، وانخفاض حاد في نسبة البوتاسيوم، بالإضافة لانخفاض معدل السكر في الدم، أما بالنسبة للمعتقل وهدان، والمعتقلين جميعهم غير قادرين على الحركة، كما يتعذر عليهم أيضا الاعتماد على أنفسهم في الذهاب إلى الحمام أو النهوض من السرير، وهم أيضا مكبلو الأيدي بسرير التوقيف".

واعتبرت المجموعة أن استمرار توقيف المعتقلين المضربين هو إمعانٌ في تجاهل الوضع الصحي للمعتقلين خاصة وأن التحقيق في القضية الموقوفين على ذمتها قد انتهى منذ ما يزيد عن شهرين وهي قضية سياسية محضة.

استمرار توقيف المعتقلين المضربين هو إمعانٌ في تجاهل الوضع الصحي للمعتقلين

وأطلقت المجموعة نداءً عاجلًا لإنقاذ حياة المعتقلين المذكورين والإفراج الفوري عنهم مع غياب أيّ جهة رسمية مختصة يمكن أن تشكل رقابة على مبررات استمرار توقيفهم في ظل تغول السلطة التنفيذية على دور القضاء وتطويع قراراته بما يخدم سياسة الاعتقال السياسي.

بدورها، دعت منظمة العفو الدولية (أمنستي) السلطة الفلسطينية للتحقيق في مزاعم التعذيب للمضربين عن الطعام وضمان محاكمتهم العادلة، خلال بيان صحفي نشرته المنظمة.

وقالت منظمة العفو إن "السلطات في فلسطين يجب أن تضمن محاكمة عادلة لستة رجال قُبض عليهم في الضفة الغربية في يونيو/ حزيران، بمن فيهم ثلاثة كانوا مضربين عن الطعام لمدة شهرين تقريبًا أثناء احتجازهم، كما يجب عليهم ضمان إجراء تحقيقات فورية ونزيهة في مزاعم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة".

وأوردت المنظمة في بيانها "تم اعتقال الرجال دون أمر قضائي من قبل قوات الأمن ووجهت إليهم تهم جنائية تتعلق بانفجار في محل نجارة، تعرض الستة جميعًا للتعذيب أثناء الاستجواب في مركز اعتقال أريحا، وبعد ذلك في سجن بيتونيا، وكلاهما تديره السلطة الفلسطينية، وفقًا لمحاميهم وأفراد عائلاتهم الذين زاروهم في الحجز، كما ذكر أحد المعتقلين أمام المحكمة أنه تعرض للتعذيب، وفقًا لوثائق المحكمة التي راجعتها منظمة العفو الدولية".